(((باب حكم المرتد) وهو من كفر بعد إسلامه، ويحصُل الكفر بأحد أربعة أمورٍ: بالقول كسبِّ الله تعالى ورسوله أو ملائكتِه أو ادِّعاء النُّبوَّة أو الشِّرك له تعالى، وبالفعل كالسُّجود للصَّنم ونحوِه وكإلقاء المصحف في قاذورة، وبالاعتقاد كاعتقاده الشَّريك له تعالى أو أَنَّ الزِّنا أو الخمر حلال أو أنَّ الخبزَ حرامٌ ونحو ذلك ومما أُجِمعَ عليه إجماعاً قطعيَّاً، وبالشَكِّ في شيءٍ من ذلك)) (1).
70. منصور بن يونس البَهْوَتيّ (الحنبليّ). ت:1051هـ
قال في "كشَّاف القناع" في باب حكم المرتدِّ:
((وهو لغة الراجع يقال ارتدَّ فهو مرتدٌّ إذا رجع. قال تعالى: ?ولاَ تَرْتَدُّوا على أَدْبارِكُم فَتَنْقَلِبُوْا خَاسِرِيْن (2) ?.
وشرعاً: (الذي يكفر بعد إسلامه) نطقاً أو اعتقاداً أو شكَّاً أو فعلاً (ولو مميِّزاً) فتصحُّ رِدَّتُه كإسلامه، ويأتي (طوعاً) لا مُكرهاً لقوله تعالى: ?إلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ? (ولو) كان (هازلاً) لعموم قوله تعالى: ?مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِيْنِهِ? (3)
الآية)) (1).
71. أحمدُ بن أحمدَ شهاب الدِّين القليوبيّ (الشافعيّ). ت:1070هـ
نقل كلام "شرح الجلال المحليّ على منهاج النوويّ": ((الرِّدَّة (هي قطع الإسلام بنيَّةِ) كفرٍ (أو قولِ كفرٍ أو فعلٍ) مكفِّر (سواءً) في القول (قاله استهزاءً أو عناداً أو اعتقاداً))).
ثم قال: ((كتاب الرِّدَّة أعاذنا الله وسائر المسلمين منها بمنِّهِ وجزيل كرمِهِ وهي لغةً: المرَّة من الرُّجوع وشرعاً ما ذكره المصنِّف - يعني المحليّ -)) (2).
72. عبد الرَّحمن بن شيخي زاده داماد (الحنفيّ). ت:1078هـ
نقل كلام محمَّد فراموز الحنفيّ ولم يتعقبّه بشيء فقال:
((وفي "الدرر": وإِنْ لم يعتقد أو لم يعلم أَنَّها لفظة الكفر ولكن أتى بها عن اختيارٍ فقد كفر عند عامَّة العلماء ولا يعذَرُ بالجهل (3) وإِنْ لم يقصد في ذلك بأَنْ أراد أَنْ يتلفَّظ بلفظ آخر فجرى على لسانه لفظ الكفر فلا يكفُر لكن القاضي لا يصدِّقه… ومن كفر بلسانه طائعاً وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان فهو كافرٌ ولا ينفعه ما في قلبه لأَنَّ الكافر يُعرَف بما ينطق به بالكفر فإذا نطق بالكفر طائعاً، كان كافراً عندنا وعند الله تعالى)) (1).
73. أبو البقاء أيوب بن موسى الكفويّ (الحنفيّ). 1095هـ
قال في "الكُلِيَّات": ((والكفر قد يحصُل بالقول تارة وبالفعل أخرى، والقولُ الموجبُ للكفر: إنكارُ مُجمَعٍ عليه فيه نصٌّ، ولا فرق بين أَنْ يصدُر عن اعتقادٍ أو عنادٍ أو استهزاءٍ والفعل الموجبُ للكفر هو الذي يصدر عن تعمُّدٍ (2) ويكون الاستهزاء صريحاً بالدِّين، كالسُّجود للصَّنَم وإلقاء المصحف في القاذورات ... )) (3).
74. أحمد بن محمَّد الحسينيّ الحمَويّ (الحنفيّ). ت:1098هـ
عرَّف ابن نجيم في "الأشباه والنظائر" الكفر بالتَّكذيب فعقَّب عليه الحمَويُّ بقوله: ((هذا التعريف غير جامعٍ إذ التَّكذيب يختصُّ بالقول والكُفْرُ قد يحصُلُ بالفعل)) (1).
75. العلاَّمة صالح بن مَهْديّ المقبليّ. ت:1108هـ
قال في حاشيته على "البحر الزخار": ((وظاهر قوله تعالى ?من كفر بالله من بعد إيمانه ?يدلُّ على كفر المتلفِّظ وإِنْ لم يعتقد معناه، لأَنَّه لم يستَثْنِ إلاَّ المُكْرَه، والإكراه لا يكون على الأفعال القلبيَّة، فمن كفر قلبه – مُكْرَهاً كان أو غيرَ مكرهٍ – فهو كافرٌ، ومن كفر لسانه فقط، فإِنْ كان مُكْرَهاً لم يكفر، وهو المستثنى في الآية، وإِنْ لم يكن مُكْرهاً، لزم أنْ يكفر، لأَنَّه الباقي بعد الاستثناء، وبعد بيان حال من كفر قلبه، وهو أعظمُ الكفر، ولذا استأنف ذكرَه للتَّأكيد، كأَنَّه قال: ولكنَّ الكفرَ الكامل كفرُ القلب، فتبيَّن أَنَّه لو لم يكن النُّطق بمجرَّدِه كفراً، لما كان للاستثناء معنىً، لأَنَّه لا يصحُّ استثناء الإكراه من كُفْر القلب لعدم إِمْكان الإكراه عليه، وبهذا يظهر وَهْمَ من قال: إذا كفرت المرأة لتَبِيْنَ من زوجها، لم تكُنْ مرتدَّةً، لأَنَّها لم تشرحْ بالكفر صدراً)) (2).
76. مجموعةٌ من علماء الهند الأحناف (1):
¥