تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

((والمعنى أنَّ الله تعالى نبَّأَ رسوله بما كان يقوله هؤلاء المنافقون في أثناء السَّير إلى تبوك من الاستهزاء بتصدِّيه لقتال الرُّوم الَّذين ملأَ صيتُهم بلاد العرب بما كان تجَّارهم يرَوْنَ من عَظَمَةِ مُلكِهم في الشَّام إذْ كانوا يرحلون إليها في كل صيفٍ، نبَّأه نبأً مؤكَّداً بصيغة القَسَم أنَّه إِنْ سألهم عن أقوالهم هذه يعتذرون عنها بأَنَّهم لم يكونوا فيها جادِّين و لا مُنْكِرين، بل هازلين لاعبين، كما هو شأن الذين يخوضون في الأحاديث المختلفة للتَّسلي والتلهِّي، وكانوا يظنُّون أَنَّ هذا عذرٌ مقبولٌ لجهلهم أَنَّ اتِّخاذ أمور الدِّين لعِباً ولهواً، لا يكونُ إلاَّ ممَّن اتَّخذه هُزُواً، وهو كفرٌ محضٌ، … .. فإنْ قيلَ: ظاهرُ هذا أَنَّهم كانوا مؤمنين فكفروا بهذا الاستهزاء الذي سمّوه خوضاً ولَعِباً، وظاهرُ السِّياق أنَّ الكفرَ الَّذي يسِّرُّونَه، هو سببُ الاستهزاء الذي يعلنونه؛ قلنا: كلاهما حقٌّ، ولكلٍّ منهما وجهٌ، فالأوَّل: بيانٌ لحكم الشَّرع وهو أنَّهم كانوا مؤمنين حكماً، فإنَّهم ادَّعوا الإيمان، فجرت عليهم أحكامُ الإسلام، وهي إنَّما تبنى على الظواهر، والاستهزاء بما ذُكِرَ عمل ظاهر يقطع الإسلام ويقتضي الكفرَ، فبه صاروا كافرين حكماً، بعد أن كانوا مؤمنين حكماً، والثاني: وهو ما دلَّ عليه السِّياق هو الواقع بالفعل، والآية نصٌّ صريح في أنَّ الخوضَ في كتاب الله وفي رسوله وفي صفاتِ الله تعالى ووعده ووعيده وجعلِها موضوعاً للَّعِب والهُزْء؛ كلَّ ذلك من الكفر الحقيقيِّ الذي يخرج به المسلم من الملَّة وتجري عليه به أحكامُ الرِّدَّة، إلاَّ أنْ يتوبَ ويجدِّدَ إسلامَه)) (1).

104. العلاَّمة عبد الرَّحمن بن ناصر بن سعديّ. ت:1376هـ

قال في "القول السديد": ((وإذا ثبت أَنَّ الذَّبح لله من أجلِّ العبادات وأكبر الطَّاعات، فالذَّبحُ لغير الله شركٌ أكبُر مخرجٌ عن دائرة الإسلام. فإنَّ حدَّ الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده: (أن يصرِفَ العبد نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله) فكلُّ اعتقادٍ أو قولٍ أو عملٍ ثبت أنَّه مأمورٌ به من الشَّارع فصرفُه لله وحده توحيدٌ وإيمانٌ وإخلاصٌ، وصرفُه لغيره شركٌ وكفرٌ. فعليك بهذا الضَّابط للشِّرك الأكبر الَّذي لا يشذُّ عنه شيءٌ)) (1).

105. الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي. ت:1377هـ

قال في "أعلام السنة المنشورة":

((س: إذا قيل السُّجود للصَّنم والاستهانة بالكتاب وسبُّ الرسول والهَزْلُ بالدِّين ونحو ذلك هذا كلُّه من الكفر العمليِّ فيما يظهر، فلِمَ كان مخرجاً من الدِّين وقد عرَّفتم الكفرَ الأصغر بالعمليّ؟

ج: اعلمْ أنَّ هذه الأربعة وما شاكلها ليس هي من الكفر العمليّ إلاَّ من جهة كونها واقعةً بعمل الجوارح فيما يظهرُ للنَّاس، ولكنَّها لا تقع إلاَّ مع ذهاب عملِ القلب من نيَّتِه وإخلاصه ومحبَّته وانقياده لا يبقى معها شيءٌ من ذلك، فهي وإنْ كانت عمليَّةً في الظَّاهر فإِنَّها مستلزِمَةٌ للكفر الاعتقاديّ ولابدّ، ولم تكن هذه لتقعَ إلاَّ من منافقٍ مارقٍ أو معاندٍ مارد، وهل حمل المنافقين في غزوة تبوك على أَنْ ?قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لمْ يَنَالُوا? إلاَّ ذلك مع قولهم لمَّا سئلوا ?إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ?، قال الله تعالى: ?قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ?، ونحن لم نعرِّف الكفر الأصغر بالعمليّ مطلقاً، بل بالعمليّ المَحْضِ الَّذي لم يستلزم الاعتقادَ ولم يناقض قولَ القلب ولا عملَه)) (1).

106. الشيخ محمّد بن إبراهيم آل الشيخ. ت:1389هـ

قال في شرحه "لكشف الشبهات":

(((فإنَّك إذا عرفت أنَّ الإنسان يكفر بكلمةٍ) واحدةٍ (يخرجها من لسانه) دون قلبه)) (2).

وقال أيضاً:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير