هو النعمان بن ثابت بن زوطي, التيمي بالولاء. أبو حنيفة. فقيه العراق وإمام الحنفية وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة. ولد ونشأ بالكوفة, ولما شب تلقى الفقه على حماد بن أبي سليمان الأشعري وسمع كثيرا من علماء التابعين وروى عنهم كعطاء ابن أبي رباح ونافع مولى ابن عمر والشعبي والزهري وغيرهم. وروى عنه جماعة منهم ابنه حماد وزفر والهذيل ومحمد بن الحسن الشيباني وأبو يوسف القاضي وغيرهم. كان زاهدا ورعا, أراده يزيد بن هبيرة, أمير العراق, أيام مروان بن محمد أن يلي القضاء فأبى وأراده بعد ذلك المنصور العباسي على القضاء فامتنع وقال: لن أصلح للقضاء, فحلف عليه المنصور ليفعلن, فحلف أبو حنيفة أنه لن يفعل, فحبسه المنصور إلى أن مات, وقيل إنه قتله بالسم وقيل إنه توفي وهو يصلي. كان واسع العلم في كل العلوم الإسلامية وهو الذي تجرد لفرض المسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها بالقياس وفرع للفقه فروعاً زاد في فروعه, وقد تبع أبا حنيفة جل الفقهاء بعده ففرضوا المسائل وقدروا وقوعها ثم بينوا أحكامها. وكان أبو حنيفة يتشدد في قبول الحديث ويتحرى عنه وعن رجاله, فلا يقبل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا رواه جماعة عن جماعة, أو إذا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به. توفي في بغداد عن سبعين سنة. [الأعلام ج9 ص4، تاريخ بغداد ج13 ص323 - 378، وفيات الأعيان ج5 ص405، المسعودي ج3 ص304، البداية والنهاية ج10 ص107، تذكرة الحفاظ ج1ص168 العبر ج1 ص214، النجوم الزاهرة ج2 ص12، مروج الذهب ج3 ص304، المعارف ص495، دائرة المعارف الإسلامية: مادة أبو حنيفة]
عقيدة الإمام أبو حنيفة - رضي الله عنه - في التوحيد:
1) قال الإمام أبو حنيفة: لا يوصف الله تعالى بصفات المخلوقين، وغضبه ورضاه صفتان من صفاته بلا كيف، وهو قول أهل السنة والجماعة، وهو يغضب ويرضى ولا يقال: غضبه عقوبته، ورضاه ثوابه. ونصفه كما وصف نفسه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولك يكن له كفواً أحد، حي قادر سميع بصير عالم، يد الله فوق أيديهم، ليست كأيدي خلقه، ووجهه ليس كوجوه خلقه. [الفقه الأبسط ص56]
2) قال الإمام أبو حنيفة: وله يد ووجه ونفس كما ذكره الله تعالى في القرآن، فما ذكره الله تعالى في القرآن، من ذكر الوجه واليد والنفس فهو له صفات بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته أو نعمته؛ لأن فيه إبطالَ الصفة، وهو قول أهل القدر والاعتزال… [الفقه الأكبر ص302]
3) قال البزدوي: العلم نوعان علم التوحيد والصفات، وعلم الشرائع والأحكام. والأصل في النوع الأول هو التمسُّك بالكتاب والسُّنة ومجانبة الهوى والبدعة ولزوم طريق السنُّة والجماعة، وهو الذي عليه أدركنا مشايخنا وكان على ذلك سلفنا أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وعامة أصحابهم. وقد صنف أبو حنيفة - رضي الله عنه - في ذلك كتاب الفقه الأكبر، وذكر فيه إثبات الصفات وإثبات تقدير الخير والشر من الله. [أصول البزدوي ص3، كشف الأسرار هن أصول البزدوي ج1 ص7، 8]
4) قال الإمام أبو حنيفة: لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات الله بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه، ولا يقول فيه برأيه شيئاً تبارك الله تعالى ربّ العالمين. [شرح العقيدة الطحاوية ج2 ص427 تحقيق د. التركي وجلاء العينين ص368]
5) سئل الإمام أبو حنيفة عن النزول الإلهي، فقال: ينزل بلا كيف. [عقيدة السلف أصحاب الحديث ص42، الأسماء والصفات للبيهقي ص456، وسكت عليه الكوثري، شرح الطحاوية ص245، شرح الفقه الأكبر للقاري ص60]
6) قال الملاَّ علىُّ القاري بعد ذكره قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم والكيف مجهول…": اختاره إمامنا الأعظم – أي أبو حنيفة – وكذا كل ما ورد من الآيات والأحاديث المتشابهات من ذكر اليد والعين والوجه ونحوها من الصفات. فمعاني الصفات كلها معلومة وأما كيفيتها فغير معقولة؛ إذْ تَعقُّل الكيف فرع العلم لكيفية الذات وكنهها. فإذا كان ذلك غير معلوم؛ فكيف يعقل لهم كيفية الصفات. والعصمة النَّافعة من هذا الباب أن يصف الله بما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يثبت له الأسماء والصفات وينفي عنه مشابهة المخلوقات، فيكون إثباتك منزهاً عن التشبيه، ونفيك منزَّهاً عن التعطيل. فمن نفى حقيقة الاستواء فهو معطل ومن شبَّهه باستواء المخلوقات على المخلوق فهو
¥