ولكن الإسلام أخي القاري يتحدث عما يريد هو ويأمر الناس به وإن لم ينصاعوا إليه فليسوا هم من الإسلام في شيء وأمر الأنبياء بذلك {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} ولم يأمرهم أن يحدثوا ويأمروهم بما يرغبون.
منصور وكيف يكون مجدداً () أو تلميذاً باراً لمجدد نحرير
كنا نسمع باستمرار سؤالٌ يطرح مفاده، كيف أكون مفكراً إسلامياً مرموقاً صاحب قلم لا يجارى وإن عجزت فكيف أكون تلميذاً باراً؟
فكانت الإجابات عدة لا كنها لا تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً، وعبر الممارسات التي نراها ممن يزعم أنه مفكر إسلامي عظيم كمحمد عمارة، و فهمي هويدي، وخالص جلبي والقرضاوي، وراشد الغنوش، وعبد العزيز كامل ()، وعبد اللطيف غزال، وغيرهم ممن أعمى الله بصائرهم ...
تبين أنه يمكنك ذلك إذا عبثت بالنصوص الشرعية وأخضعتها لعقلك وهواك، ودعوت إلى الاختلاط من طرف خفي، وأبحت الربا إن كان بنسب ضئيلة وأبحت المطعومات والمشروبات المحرمة () إذا كانت بنسبة (01/ 0) ودعوت إلى وحدة الأديان، وأمرت بدخول البرلمانات، وعلى رأس الداخلين المرأة وأوجبت احترام دساتير الغرب والعمل بها وناديت بالحرية، والمساواة بين أفراد المجتمع مسلمهم وكافرهم، ومنعت من تكفير اليهود والنصارى، وأشدت بما عند الغرب من معتقدات وأخلاق، وقلت إن الإسلام لا يرفض عقائدهم، بل يرفض عاداتهم فحسب وزعمت أن العداوة بين المسلمين وبين اليهود والنصارى إنما هي اقتصادية لا عقدية وقلت أن محمداً صلى الله عليه وسلم لا يؤخذ عنه إلا في العبادات، وأما أمور السياسة والحرب فلا يؤخذ بما قرر وإنما نجتهد مثلما اجتهد، وحرمت الجهاد وقلت لا يحل إشكالاً في الحقيقة وإنما يقهر ويقود إلى الأزمات ويسد منافذ العقل ويدفع الأمم إلى الانحدار والانحطاط، ووصفت عصر السلف بأنه من العصور المظلمة ()، وحرصت على تجريد الناس من دينهم ومعتقدهم ووصفت الدين بالرجعية والتخلف وقمت بالتصدي لسلف الأمة العظام بالنقد والتنقص وأثنيت على العلمانيين وجعلتهم من أصحاب الفكر المستنير، عند ذلك قل ما شئت فأنت المفكر الإسلامي الشهير.
وأما كيف تكون تلميذاً باراً مثل العلاّمة منصور؟
فما عليك إلا أن تتلصص على كتب السالف ذكرهم وتسرق منها ومن اطروحاتهم، وتضيف إليها بعضاً من هرطقتك وسفسطتك وجزءً من تلاعب الشيطان بك أثناء منامك ويقظتك، مغلفاً ذلك بدفاعك عن المارقين من الإسلام وأنهم من أخيار الأمة ثم توج ذلك بأن سلف الأمة أصحاب عيون عوراء وجموديون ألقموا ولقنوا ما يقولون ويكتبون عن شيوخهم، عند ذلك تصبح الابن البار للعصرانيين والعلمانيين، بل ربما فقتهم دناءة وخسة.
لماذا قسوة الألفاظ:
قد يعيب علّي البعض شدة الألفاظ وقسوتها التي مضت والتي ستأتي، وأن هذا ليس من الإسلام في شيء فأقول مستعيناً بالله:
أ - لقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن نسف باللفظ إسفافاً ما بعده إسفاف لمن تعزى بعزاء الجاهلية وأن نقول عظ على فرج أبيك وأن لا نستعمل الكناية في ذلك بل اللهجة الدارجة ()، وهذا فيمن أخطأ خطاءً ميسوراً في نظر كثير من الناس، فما بالك بأخطاء الاعتقاد والكفر والزندقة.
ومن ذلك ما روي عن أبي بكر قوله لعورة بن مسعود الثقفي (امصص بظر اللات) وذلك في الحديبية وما روى لنا مسلم رحمه الله قول كعب بن عجرة عندما رأى عبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعداً قال: (انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً .. ) هذا في مسألة الخطبة.
وروى لنا مسلمٌ أيضاً قول عمارة بن رويبة لما رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه فقال قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة.
وفي البخاري مقاطعة عبد الله بن مغفل لابن أخيه عندما لم ينتهي عن الخذف قال: والله لا كلمتك بعدها أبداً.
وعبد الله بن الزبير عندما قال لحبر الأمة ابن عباس إيماءً وهو تحت أعواد منبره قال: إن أقواماً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم، لا يزالون يفتون بالمتعة، فرد عليه ابن عباس قائلاً إنك لجلف جاهل لقد فُعِلَت في عهد من هو خير منك عهد إمام المتقين.
هذا بالنسبة للصحابة رضى الله عنهم، وأما من بعدهم فإليك، أقوالهم:
¥