ثانيا: الأمة مأمورة بحفظ القرآن كتابة وتلاوة , وبقراءته على الكيفية التي علمهم إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد كانت لغة الصحابة رضي الله عنهم عربية سليمة ; لقلة الأعاجم بينهم , وعنايتهم بتلاوته -كما أنزل- عظيمة , واستمر ذلك في عهد الخلفاء الراشدين فلم يخش عليهم اللحن في قراءة القرآن ولم يشق عليهم قراءته من المصحف بلا نقط ولا شكل , فلما كانت خلافة عبد الملك بن مروان، وكثر المسلمون من الأعاجم واختلطوا بالمسلمين من العرب خشي عليهم اللحن في التلاوة وشق عليهم القراءة من المصحف بلا نقط ولا شكل , فأمر عبد الملك بن مروان بنقط المصحف وشكله , وقام بذلك الحسن البصري , ويحيى بن يعمر رحمهما الله , وهما من أتقى التابعين وأعلمهم وأوثقهم ; محافظة على القرآن , وصيانة له من أن يناله تحريف , وتسهيلا لتلاوته وتعليمه وتعلمه , كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبهذا يتبين أن كلا من نقط القرآن وشكله - وإن لم يكن موجودا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم - فهو داخل في عموم الأمر بحفظه وتعليمه وتعلمه على النحو الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ; ليتم البلاغ , ويعم التشريع , ويستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها , وعلى هذا لا يكون من البدع ; لأن البدعة: ما أحدث ولم يدل عليه دليل خاص به أو عام له ولغيره , وقد يسمي مثل هذا بعض من تكلم في السنن والبدع: مصلحة مرسلة , لا بدعة , وقد يسمى هذا: بدعة من جهة اللغة ; لكونه ليس على مثال سابق لا من جهة الشرع ; لدخوله تحت عموم الأدلة الدالة على وجوب حفظ القرآن وإتقانه تلاوة وتعلما وتعليما , ومن هذا قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على إمام واحد في التراويح: (نعمت البدعة هذه). والظاهر دخول النقط والشكل في عموم النصوص الدالة على وجوب حفظ القرآن كما أنزل.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد , وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرئيس عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة عبد الرزاق عفيفي
عضو عبد الله بن غديان
عضو عبد الله بن قعود
ما قولكم في مبتدع بدعا شركية يستغيث بالأولياء
السؤال الأول من الفتوى رقم (2017):
س 1: ما قولكم في مبتدع بدعا شركية يستغيث بالأولياء ويصلي في أضرحتهم راجيا أن يمدوه ببركتهم , وتزوج بامرأة ثيب بعد أن طلقها زوجها الأخير , وكان يجامعها مرة بعد أخرى خفية حتى حملت منه فبادر بكتابة العقد عليها بعدما ظهر حملها , وتم هذا الزواج على غير هدى من الله , ووضعت طفلة عمرها سنتان الآن ثم تاب إلى الله من البدع والتزم سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , وقرأ كتاب [فتح المجيد شرح كتاب التوحيد] وغيره من كتب أهل السنة وتاب من الزنى، وفعل المنكرات , وزوجته حامل الآن , ويسأل: ماذا يفعل هل عليه كفارة من أجل الزنا , وماذا يفعل مع أقاربه الذين لا يزالون على بدعهم الشركية أفتوني؟
ج 1: أولا: لا شك أن الشرك أكبر الكبائر , وأن البدع المحدثة في الدين من أقبح الجرائم , وأن الزنى من الفواحش وكبائر الذنوب , وأنه يجب على من ابتلي بشيء من ذلك أن يتخلص منه ويجتنبه , وأن يستغفر الله , ويتوب إليه مما فرط فيه من الجرائم عسى أن يتوب الله عليه , وإذا كان قد تاب إلى الله واستغفره فنرجو الله أن يتقبل توبته، ويغفر ذنبه , وأن يحفظه في مستقبل أمره , وأن يبدل سيئاته حسنات , وعليه أن يكثر الندم والتوبة والاستغفار والأعمال الصالحات , فإن الحسنات يذهبن السيئات , وألا يتبع خطوات الشيطان، فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر , قال الله تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا} وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر} وعليه أن يحمد الله ويشكره على التوفيق إلى الرشد بعد الغي , والهدى بعد الضلال.
¥