تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله بإذنه وسراجا منيرا}، وقال تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}، وقال تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وقال عبد الله بن مسعود: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا وخط خطوطا عن يمينه وشماله ثم قال: "هذا سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه" ثم قرأ {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}، وإذا تأمل العاقل هذا المثال وتأمل سائر الطوائف من الخوارج ثم المعتزلة ثم الجهمية والرافضة ومن أقرب منهم إلى السنة من أهل الكلام مثل الكرامية والكلابية والأشعرية وغيرهم وأن كلا منهم له سبيل يخرج به عما عليه الصحابة وأهل الحديث ويدعى أن سبيله هو الصواب وجدت أنهم المراد بهذا المثال الذي ضربه المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ووجدت أن أهل السنة والحديث هم حقا ورثة الأنبياء والمرسلين الناصرين لهذا الدين.

قال الله تعالى عن أتباع الأئمة من أهل الملل المخالفين للرسل: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم}، وقال تعالى: {يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا} إلى قوله {والعنهم لعنا كبيرا}.

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 4 ص: 26:

"وإذا كانت سعادة الدنيا والآخرة هي باتباع المرسلين، فمن المعلوم أن أحق الناس بذلك هم أعلمهم بآثار المرسلين، وأتبعهم لذلك، فالعالمون بأقوالهم وأفعالهم المتبعون لها هم أهل السعادة في كل زمان ومكان، وهم الطائفة الناجية من أهل كل ملة، وهم أهل السنة والحديث من هذه الأمة، فإنهم يشاركون سائر الأمة فيما عندهم من أمور الرسالة، ويمتازون عنهم بما اختصوا به من العلم الموروث عن الرسول، مما يجهله غيرهم أو يكذب به، والرسل صلوات الله وسلامه عليهم؛ عليهم البلاغ المبين، وقد بلغوا البلاغ المبين، وخاتم الرسل محمد أنزل الله كتابه مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه، فهو الأمين على جميع الكتب، وقد بلغ أبين البلاغ وأتمه وأكمله، وكان أنصح الخلق لعباد الله، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما، بلغ الرسالة وأدى الأمانة وجاهد في الله حق جهاده، وعبد الله حتى أتاه اليقين".

فإذا انطلقنا من آخر ما ذكره شيخ الإسلام في هذه الفقرة، وهي المقدمة الإيمانية من كون النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين وأن الله تعالى قد أتم وأكمل لنا الدين، فهذا يعني أننا لا نحتاج إلى غير ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن السعادة كل السعادة والنعيم كل النعيم هو في إتباعه وموافقته علما وعملا وحالا، وأما غير ذلك من أقيسة أهل الكلام والمفكرين التي هي حججهم وبراهينهم على معارفهم وعلومهم فهي لا تقود إلا إلى البوار، وهذا يدخل فيه كل من خالف شيئا من السنة والحديث مما عند المتكلمين والفلاسفة، إذ هؤلاء من أعظم بني آدم حشوا وقولا للباطل وتكذيبا للحق في مسائلهم ودلائلهم، لا يكاد والله أعلم يتكلم الواحد منهم إلا ويفسد أكثر مما يصلح.

وكذلك تجد أهل الكلام والفلسفة من أعظم الناس شكا واضطرابا، وأضعف الناس علما ويقينا، كما قال الغزالي: أكثر الناس شكا عند الموت أهل الكلام، ولهذا تجد غالب حججهم تتكافأ إذ كل منهم يقدح في أدلة الآخر، وإنما فضيلة أحدهم باقتداره على الاعتراض والقدح والجدل والمغالطة ورد الخصم بدون علم وإن سموا ما عندهم علما وحكمة، كما هو معلوم عن أبي عبد الله الرازي من أنه له نهمة في التشكيك دون التحقيق، ومن المعلوم أن الاعتراض والقدح ليس بعلم، ولا فيه منفعة، وأحسن أحوال صاحبه أن يكون بمنزلة العامي، فهو لا يرفع صاحبه إلا عند جاهل أو أحمق، وإنما العلم في جواب السؤال، وحل الإشكال، بتقرير الحق ورد الشبهات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير