تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سفيان والله يقول {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة او يصيبهم عذاب اليم}

فاذا كان هذا القدر من القوة بين ائمة الفقهاء فلا ينبغي التشديد في أمره او إسقاط احد من أقواله وإنما يصار الى الاتباع لامر الله ورسوله على قصد من الاعتدال والمقاربة فان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم جعل من تحقيق التدين لله تعالى هو المقاربة في لزوم السنة كما روى الامام البخاري وغيره قال البخاري: {باب: الدين يسر ثم ذكر حديث أبي هريرة أن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين احد الا غلبه فسددوا - وهذا قصد الى السنة من جهة الاتباع وأنت تقول تسدد السهم اذا أصاب غرضه فهذا قصد الى التحقيق ولكنه قال جملة بعدها صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال {فسددوا وقاربوا وابشروا واستعينوا بالغدوة والروحة ... } الى اخر سياق هذا الحديث

فكما انه يجب التسديد من جهة لزوم السنة والتحقيق لها فان هذا ينبغي أن يكون على فقه مقارب معروف عند ائمة الفقهاء وله اعتبار بين من جهة الاصول ومن جهة التحقيق لمناطاته ودلالاته الى غير ذالك هي ليست بالدرجة التي سبق الاشارة إليها اعني مسائل الاصول وأصول الدين هي ما بين الله أمره في كتابه وبينه النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولهذا ذكر المحققون رحمهم الله من الائمة انه لا يجوز لاحد أن يسمي أصلا ويجعله من أصول الدين الا وهو بين صريح في كتاب الله ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم وان كان هذا البيان هو على القواعد المعتبرة فان من تكلم في الدليل جعل الادلة على جملة من التقاسيم وذكر الدليل المتواتر ودليل الاحاد ومما ينبه اليه من ينظر في أصول الادلة الى أن نثر التواتر او مصطلح التواتر ومصطلح الاحاد تكلم عليه الكثير من الاصوليين والمتأخرون من أهل الحديث وجعلوا فيه تقسيما شائعا معروفا من جهة الحد له والتعريف له فجعلوا المتواتر هو ما رواه جماعة عن جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وجعلوا الاحاد ما ليس كذالك وهذا التقسيم من جهة كونه اصطلاحا فيه سعة وكما هي الجملة الشائعة عند كثير من العلماء: انه لا مشاحة في الاصطلاح لكن الحد الذي هو التعريف الذي دخل على كثير من علماء الاصول وعلى كثير من المتاخرين من أهل الحديث من جهة تعريف المتواتر بما سبق الاشارة اليه هو تعريف متكلف قد نبه كثير من المحققين الى أن هذا ليس هو التواتر الذي ذكره الشافعي وبعض المتقدمين من ائمة الفقه والحديث فان هذا الحد أصله من كلام النظار وعلماء الكلام

ولقد ذهب كثير من المحققين انه ليس هو التوافق الذي ذكره الشافعي وبع المتتبعين لأئمة الفقه فان هذا الحد أصله من كلام النظار وعلماء الكلام اعني الحد الذي هو التعريف أصله من كلام علماء النظر من أئمة المعتزلة مومن سلك على طرقهم النظرية والعقلية لما تكلموا عن الدليل القطعي الذي يلزم من جهة الحكم العقلي ومن جهة تطبيق دلالته ذكروا أن الحديث لا يكون متواترا إلا على هذا الشرط ولهذا انغلق عليهم تطبيقه حتى من استعمله من متاخري أهل الحديث كابن الصلاح والحافظ ابن حجر اذا أرادوا أن يمثلوا له لم يستطيعوا, لم يمثلوا له بلسان منضبط من جهة هذا التواتر الذي يرويه جماعة كعشرة او ما يقاربه وعن العشرة تكون الطبقة الثانية مائة ويرويه عن الطبقة الثانية ألف , هذا لم يكن مقصودا أصلا عند أئمة الحديث المتقدمين كابن معين واحمد وإسحاق وابن المديني.

وهؤلاء الكبار هم على التواتر الذي نطق به من نطق من السالفين كالشافعي وأبي عبيد إنما يقصدون به الحديث الذي استفاض عند العلماء صحته , وبهذا ثمة أحاديث استفاضت صحة مع أن موردها ما يكون من هذا التواتر , بل بعضها مورده غريب من جهة الاصطلاح كما في حديث عمر المشهور {إنما الاعمال بالنيات ... } فان الحديث مبين الصحة وقد أخرجه أصحاب الصحاح وغيرهم ومع ذالك فهو ليس من هذا الباب والقصد أن إغلاق السنة بهذه الطريقة ليس حكيما , وان كان هذا استعمله كما اثبت بعض الفقهاء وبعض الاصوليون وبعض المتأخرين من أهل الحديث ولكن عند التحقيق فان المتواتر اذا قيل فيقصد به ما استفاض عند أئمة الحديث المعتبرين صحته وإما انه ينزل على هذا الحد ما رواه جماعة عن جماعة فلا يكون الحديث متواترا كما يقولون إلا اذا رواه عن الصحابة عشرة ورواه عن كل واحد من العشرة كذالك فيكون

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير