? إسناد الحديث:- حدثنا نصر بن علي الجهضمي أنبأنا وهب بن جرير نا أبي عن محمد ابن إسحاق ثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس عن أبي بكر مرفوعا.
? متن الحديث:- "ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض".
? تخريج الحديث:- أخرجه ابن ماجه في (سننه- 1628) وأبو يعلى في (مسنده - 23,22) وابن عدي في (الكامل - 3/ 760) والطبري في (تاريخه -3/ 213) كلهم من طريق محمد بن إسحاق عن حسين بن عبد الله به.
الكلام على الإسناد:- محمد بن إسحاق هذا ابن يسار المدني نزيل العراق صاحب السيرة اضطرب في إسناده أو اختلف عليه من ثلاثة وجوه
الأول:- روى وهب بن جرير نا أبي عن محمد بن إسحاق ثني حسين بن عبد الله
به.
الثاني:- وروى سعيد بن يحي الأموي عن أبيه عن محمد بن إسحاق عمن حدثه عن عروة عن عائشة عن أبي بكر مرفوعا. رواه المروزي في (مسند أبي
بكر- 136)
الثالث:- روى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الرحمن بن
عبد الله بن الحصين أو محمد بن جعفر بن الزبير (على الشك) عن أبي
بكر مرفوعا منقطعا.
(رواه البيهقي انظر:- البداية والنهاية 5/ 267)
هذه الرواية الأخيرة مما اضطرب فيه شديدا كما ترى. ومحمد بن إسحاق ابن يسار وإن كان صدوقا وقد تكلم فيه من قبل حفظه ومع ذلك فهو مدلس ومن الأئمة من رمى عليه بالتشيع والقدر. ومنهم من كذبه مثل معتمر قال عن أبيه:- 'لاترو عن إسحاق فإنه كذاب' وكذا مالك قال فيه:- 'دجال من الدجاجلة' وقال أيضا:-'كذاب' وكذا قال الإمام الفريابي قال:-'زنديق' ويحي ابن سعيد قال:- 'كذاب'.
(انظر:- الكامل لابن عدي 5/ 102 - 112)
وقد كنت قرأت أن سبب تكذيب ابن إسحاق كان بالتحامل. وكلام غيره كان بما وقع بينه وبين هشام بن عروة بسسب امرأته فاطمة بنت المنذر. وهو الصحيح لاعتماد الأئمة الذين جاءوا من بعدهم على هذا القول وكذا محمد ناصر الدين الألباني. والله أعلم.
أقوال الأئمة فيه:-
قال الإمام ابن معين فيه:- 'ثقة ليس بحجة'
وقال الإمام شعبة:- 'صدوق'
وقال الإمام أحمد:-'حسن الحديث وليس بحجة'
وقال الإمام علي بن المديني:-'حديثه عندي صحيح لم أجد له إلا حديثين منكرين'
وقال الإمام الدارقطني:- 'لايحتج به'
الطريق الثاني:- أبو سعيد يحيى الذي في هذا الطريق قال فيه ابن حجر 'صدوق يغرب'
(انظر:-التقريب 375)
في هذا الطريق علتان.
العلة الأولى:- جهالة شيخ محمد بن إسحاق ولأنه إذا حدث عن أقوام مجاهيل يأتي بالأباطيل كما قال يعقوب بن شيبة.
(انظر:-تهذيب التهذيب 9/ 39.38)
العلة الثانية:- النكارة, لأن المعروف عن عائشة قولها 'فلولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا' رواه البخاري (3/ 156.198.8/ 114)
(انظر:- تحذير الساجد- 10).
ففي هذه الرواية قالت 'إنما دفن النبي في مضجعه لقول أبي بكر 'سمعت رسول الله يقول إنه لم يدفن نبي قط إلا حيث قبض'. فهذه تخالف الرواية الصحيحة عنها فهي منكرة. ويخالف قولها هذا ما روى ابن سعد (2/ 241) بسند صحيح عن الحسن البصري قال:-'ائتمروا (أي تشاوروا) أن يدفنوه في المسجد فقالت عائشة إن رسول الله كان واضعا رأسه في حجري إذ قال:- 'قاتل الله أقواما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد' واجتمع رأيهم أن يدفنوه حيث قبض في بيت عائشة'. فهذه الرواية - على إرسالها- تدل على أمر مهم وهو أن الصحابة أقروها على هذا الفهم ولذلك رجعوا إلى رأيها فدفنوه في بيتها. وهذا ما يفيده كلام الشيخ ناصر الدين في (تحذير الساجد - 28)
وأقرب مثال لما نحن فيه ما ضعفه الشيخ ناصر الدين في (أحكام الجنائز- 231) قول عائشة المخالفة 'ولو شهدتك ما زرتك' لقولها الذي جاءت برواية صحيحة.'
الطريق الثالث:- فيه أربع علل
العلة الأولى:- ضعف أحمد بن عبد الجبار
قال الإمام ابن عدي:-'رأيتهم مجمعين على ضعفه لا أرى له حديثا منكرا إنما ضعفوه لأنه لم يلق الذين يحدث عنهم'
وقال الإمام مطين:-'كان يكذب'
(انظر:- ميزان الاعتدال 1/ 112)
وقال الإمام ابن حجر:-'ضعيف وسماعه للسبرة صحيح' (التقريب)
العلة الثانية:-تدليس محمد بن إسحاق. وهو كثير التدليس كثيرا ما يدلس عن الضعفاء والمتروكين.
¥