تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[05 - 09 - 09, 05:32 ص]ـ

إنَّ ما استند إليه القبوريُّ - هداه الله - من حديث مالكِ بن أنسٍ - رحمه الله - بقوله: «وهو ما حكاه مالك - رحمه الله - عندما ذكر اختلاف الصحابة في مكان دفن النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -» فإنما أورده مالك - رحمه الله - في «الموطأ» بلاغًا منقطعًا دون إسناد، وجاء في سياقه «أنه بلغه أنَّ رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - توفي يوم الاثنين، ودفن يوم الثلاثاء وصَلَّى الناس عليه أفذاذًا، لا يؤمُّهم أحد، فقال ناس: يدفن عند المنبر، وقال آخرون: يدفن بالبقيع، فجاء أبو بكر الصديق فقال: سمعت رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يقول: مَا دُفِنَ نَبِيٌّ قَطُّ إِلاَّ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ .. » (2).

وهذا الحديث معضلٌ، قال الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله -: «هذا الحديث لا يُروى على هذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالكٍ هذا، ولكنه صحيح من وجوه مختلفة وأحاديثُ شتى جمعها مالك» (3)، ثم تناول الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله - الحديث ببيان جميع شواهد فقراته ما عدا تلك المتعلقة بالدفن عند المنبر فلم يذكر لها ما يشهد لها بالصحة.

وقد رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» قال: «أخبرنا محمَّد بن عبد الله الأنصاري، أخبرنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: قال أبو بكر أين يدفن رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -؟ قال قائلٌ منهم: عند المنبر، وقال قائل منهم: حيث كان يصلي يؤمُّ الناس، فقال أبو بكر: بل يدفنُ حيث توفى الله نفسَه، فأخَّر الفراش ثمَّ حفر له تحته» (4).

وسنده ضعيفٌ لإرساله، فأبو سلمة بن عبد الرحمن لم يسمع من أبي بكر، «قال أبو زرعة: هو عن أبي بكر مرسلٌ» (5)، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب كانت ولادته في خلافة عثمان ولم يسمع من أبي بكر (6)، ومحمَّد بن عمرو بن علقمة صدوقٌ له أوهام (7).

والحديث رواه محمَّد بن إسحاق موصولاً، أخرجه ابن ماجه في «السنن» (8) والبزار (9) وأبو يعلى (10) والبيهقي في «دلائل النبوة» (11)، وأبو بكر المروزي في مسند أبي بكر (12)، وابن هشام (13)، وابن كثير (14) قال: «حدثني حسين بنُ عبد الله عن عكرمة عن ابن عباسٍ قال: .. وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل ندفنه مع أصحابه، فقال أبو بكر: إني سمعت رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يقول: مَا قُبِضَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ».

والحديث ضعيف لأنَّ في سنده حسين بن عبد الله بن عبيد ضعَّفه ابنُ معينٍ والنسائي وأبو زرعة والبخاري، وكثيرٌ من أهل الحديث لم يحتجوا بحديثه (15)، والحديث ضعَّفه الألباني (16).

وتابعه من هو دونه وأوهى منه، قال السيوطي: «وصله ابن سعد من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة» (17).

قلت: فقد رواه ابن سعد في «الطبقات الكبرى» قال: «أخبرنا محمَّد بن عمر، أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحُصين عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «لما فرغ من جهاز رسول الله - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - يوم الثلاثاء وُضع على سرير في بيته، وكان المسلمون قد اختلفوا في دفنه فقال قائل: ندفنه في مسجده، وقال قائل: بل ندفنه مع أصحابه بالبقيع، قال أبو بكر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «مَا مَاتَ نَبِيٌّ إِلاَّ دُفِنَ حَيْثُ يُقْبَضُ»، فرفع فراش النبي - صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم - الذي توفي عليه ثم حفر له تحته» (18).

وسند هذا الحديث ضعيف جدًّا، وإبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة ضعيف وعنده مناكير (19)، وداود بن الحُصين ثقة إلا في عكرمة ورمي برأي الخوارج كما صرح ابن حجر في «التقريب» (20)، ومحمَّد بن عمر بن واقد الأسلمي هو الواقدي متروك الحديث، فلا يصلح هذا الطريق لا في المتابعات ولا في الشواهد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير