تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولا: حديث عبد الله بن الشخير ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ حيث قال: ((انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فقلنا: أنت سيدنا، فقال رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((السيد الله)) قلنا: فأفضلنا فضلا، وأعظمنا طولا، فقال ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، ولا يستجرينكم الشيطان)) (68)

ثانيا: حديث أنس ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وهو أن رجلا قال للنبي: ياخيرنا وابن خيرنا، وياسيدنا وابن سيدنا، فقال رسول الله: ((يا أيها الناس، قولوا بقولكم، ولا يستفزنكم الشيطان، أنا عبد الله ورسوله)) (69)

ثالثا: قوله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((لا تقولوا للمنافق: سيد، فإنه إن يك سيدا، فقد أسخطتم ربكم)) (70).

أقوال العلماء في هذه الأدلة:

1 - ذهبت طائفة من العلماء إلى القول بمنع إطلاق ذلك على المخلوقين، أخذا بالأدلة الدالة على ذلك، ورأوا أن حديث عبد الله بن الشخير ناسخ لما سواه من الأحاديث؛ لأن هذا الحديث كان عام الوفود في السنة التاسعة من الهجرة.

مناقشة هذا القول:

هذا القول متعقب بأمور:

الأول: أن أحاديث المنع مقابلة بمثلها، وهي الأحاديث الدالة على الجواز.

الثاني: أن دعوى النسخ تحتاج إلى دليل، ولا دليل يدل على ذلك، وأما كون حديث عبد الله بن الشخير يعد هو الناسخ؛ لكونه عام الوفود، فلربما تكون بعض الأحاديث بعد ذلك.

الثالث: أن حديث النهي عن قول ذلك للمنافق، لا يدل على منع قولها لمن ليس كذلك.

2 - النهي عنه في المخاطبات، كقول القائل: ياسيدي، وأما ذكره مع عدم الخطاب فهذا لا ينهى عنه (71).

قال الحافظ ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ: ((وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا، ويكره أن يخاطب أحدا بلفظه أو كتابه بالسيد)) (72).

وهذا القول ذكره الحافظ ابن حجر عن الإمام مالك بن أنس (73) ـ رحمه الله تعالى.

وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن (ت 1285): ((وأما استدلالهم بقول النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((قوموا إلى سيدكم)) فالظاهر أن النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لم يواجه سعدا به)) (74).

قالوا: لأن المخاطب ربما يكون في نفسه عجب وغلو، ولما يلحق القائل من الذل والخضوع (75).

وهذا القول متعقب بالأحاديث التي فيها الأمر بالمخاطبة بهذا اللفظ، كقوله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ: ((وليقل: سيدي ومولاي)).

3 - حمل النهي على إطلاقه على غير المالك، والإذن بإطلاقه على المالك، وقد اختار هذا القول ابن حجر (76) ـ رحمه الله تعالى.

وحجة هؤلاء هي النصوص الواردة في توجيه المماليك إلى ذلك.

وهذا القول متعقب بالأحاديث التي فيها توجيه هذا القول من غير المماليك، كحديث سعد بن معاذ، وحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وغيرها من الأحاديث.

4 - حمل النهي على إطلاقه على المالك، وجواز إطلاقه على غيره، فهو عكس القول السابق.

وحجة هؤلاء أنه إذا أطلق على المالك، فلربما انصرف الذهن إلى الله ـ تعالى (77).

وهذا القول متعقب بالأحاديث التي فيها الإذن بذلك للماليك، كقوله: ((وليقل: سيدي ومولاي)).

قيل للإمام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ: ((هل كره أحد بالمدينة قوله لسيده: يا سيدي؟ قال: لا)) (78).

5 - حمل النهي عن ذلك على الكراهة التنزيهية على سبيل الأدب، والأدلة الأخرى دالة على الجواز (79).

وهذا القول متعقب بأمرين:

الأول: كثرة الأحاديث الدالة على كثرة الاستعمال، فلو كان الأدب بخلافها، لما كثرت هذه الكثرة، ولما وجه النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ المماليك إلى قول ذلك، بل إنه ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عدل بالمماليك إلى قول هذا اللفظ عن قول الألفاظ الأخرى المستبشعة في حق المخلوق نحو: (ربي).

الثاني: قال الشيخ سليمان بن حمدان ـ رحمه الله تعالى ـ: ((قال في إبطال التنديد: وهذان الحديثان دليل على الأدب مع الله ـ عز وجل ـ، وقوله: ((أنا سيد ولد آدم)) وشبهه دليل على الجواز، فأقول: إذا كان الحديثان دليلا على الأدب مع الله ـ عز وجل ـ فما الذي أجاز سوء الأدب ومخالفة الأحاديث الصحيحة؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير