فأقول: سامحك الله، يعني كلام شيخ الإسلام في الحقيقة والمجاز باطل عندك.
وقولك (لست مقلدا) وقولك (فلان العالم ليس بالمعصوم) أهكذا تكون السلفية. كان يكفيك أن تستشكل كلامه ولا ترده هكذا.
ـ[أبو إلياس الوحسيني]ــــــــ[28 - 09 - 09, 12:47 م]ـ
الحمد لله
أخي الكريم أبا سلمان وفقه الله.
عندما كنتُ أتكلم عن جريان اللفظ على غير الظاهر، كان قصدي
جريان معنى الكلام على غير ظاهر اللفظ، فأرجو أن تكون
تنبهت إلى هذا الأمر من كثرة الأمثلة التي أوردت لك عن العرب
الفصحاء في أنهم كانوا يجرون معنى الكلام على ظاهر اللفظ و
أحيانا كانوا يجرون المعنى على غير ظاهر اللفظ.
وتذكر هذا الأمثلة – أخي الكريم - فهي تنفع في موضوعنا:
أطولكن يدا.
و
عريض القفا.
و
قاتله الله ما أشعره
ويدخل في هذا كذلك أن يتكلم العربي الفصيح بالمثل السائر
عندهم كأن يقول:
إياك أعني واسمعي يا جارة!
وليس ثمة جارة يكلمها بل يكلم نفرا من الرجال!
أو أن يقول في زمرة من الناس مخاطبا واحدا:
لأمر ما جدع قصير أنفه!
وليس ثمة قصير، ولا جدع أنفٍ!
وقس على هذا سائر الأمثال العربية من هذا النوع.
وقبل أن أجيب على سؤالك
هناك مسألة أحب الإشارة إليها، وهي أن الحد و التعريف أحيانا
يكون قاصرا لا يفيبحد المعرف به فيكون ذلك القصور سببا في
رفض معنى الشيء المعرف و إن كان هذا الأمر المعرف صوابا.
مثلا قولهم في المجاز:
استعمال اللفظ على غير الوضع الذي استعمل له أولا!
هذا فيه نوع من ادعاء الغيب، فالله يقول
(ما أشهدتهم خلق السموات و الأرض و لا خلق أنفسهم)
فمن ذا الذي أخبرهم بأن هذا اللفظ استعمل هكذا أولا ثم نقل؟!
لكن مع هذا فقد يجاب عن هذا السؤال بجواب معقول جدا يقبله
العقلاء:
أولا، القائلون بالاستعمال الأول نظروا إلى الأسماء المحدثة في
زمنهم، ففي كل زمن تحدث أشياء لم تكن من قبل، ويحدث
الناس لها أسماء.
مثل الحاسوب و الكهرباء و الصاروخ.
فهذه الأسماء أصل وضعها هو مسمياتها لا شك و الناس شهدوا
بداياتها و أصل تسميتها.
ومن شكك في ذلك فعقله مشكوك فيه.
ثم بعد ذلك صار الناس يستعملونها على غير أصلها في كلامهم.
أي أنهم نقلوها إلى معان أخرى، فقالوا مثلا في الشخص الذي
يحفظ بسرعة (حاسوب) و في الذي يجري بسرعة (صاروخ) و
في الذي يحصل له شيء يصدمه ويغضبه غضبا شديدا أنه
مكهرب إلخ ...
لذلك، فمع أن القائلين بأصل الوضع ينكر عليهم بعض
المعترضين على (جريان المعنى على غير ظاهر اللفظ = المجاز
عندك) ادعاء الاستعمال الأولى لأنهم لم يشهدوا بداية اللغة، إلا
أن هؤلاء لهم سند قوي على هذا الأمر وهو ما ذكرت لك من
البرهان بخصوص الأسماء المحدثة التي شهدوا نشأتها
وولادتها.
فلاحجة للمنكرين عليهم في ما ذكروه هاهنا.
وهذا يقودنا إلى الكلام على نشأة اللسان و البيان، وهو لا شك
تعليم من الله تعالى لآدم في الجنة.
((وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة))
وقد فسرها السلف بأسماء كل شيء كالانسان والدابة و البحر و
السهل والجمل و الحمار و أشبه ذلك.
نعم لقد علم الله تعالى آدم أسماء كل شيء.
ويؤكد هذا حديث البخاري حين يقول المومنون يوم القيامة ويقولون لآدم:
(خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته و علمك أسماء كل شيء فاشفع لنا ... )
وعلى هذا فلا مطعن على القائلين بأصل الوضع و بالاستعمال
الأول للألفاظ.
لكل هذا قال ابن الأثير في المثل السائر:
(وتقرير ذلك بأن أقول إن المخلوقات كلها تفتقر إلى أسماء
يستدل بها عليخا ليعرف كل منها باسمه من أجل التفاهم بين
الناس، وهذا يقع ضرورة لا بد منها، فالاسم الموضوع بإزاء
المسمى هو حقيقة له، فإذا نقل إلى غيره صار " مجازا "
ومثال ذلك أنا إذا قلنا (شمس) أردنا به هذا الكوكب العظيم الكثير
الضوء، وهذا الاسم له حقيقة لأنه وضع بإزائه، وكذلك إذا قلنا
(بحر) أردنا به هذا الماء العظيم المجتمع الذي طعمه ملح وهذا
الاسم له حقيقة لأنه وضع بإزائه.
فإذا نقلنا (الشمس) إلى الوجه المليح استعارة كان له ذلك "مجازا" ... ) اه.
وذكر رحمه الله كلاما نفيسا فانظره في المثل السائر ج1 ص 70.
فمن قال: إن الحمار في أصل للوضع للبهيمة المعروفة، ثم قد
¥