أقول: أما زعم اللحيدي الدجال بأن مفسري المسلمين في فهم هذه الآية على شك وجهل في معناها الحقيقي فهو زعم كاذب، فكلامهم في تفسير هذه الآية من أوضح مايكون، وإنما صعب فهمه على اللحيدي الدجال لجهله بالعلم وبالعربية. وأما ماذكره في إعراب {ورهبانية ابتدعوها ماكتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله} من أن (ما) مصدرية فهذا من أعجب العجب، وقد نادى اللحيدي على نفسه بالجهل، وجعل من نفسه أضحوكة للنحاة وأهل العربية؛ إذ لا يمكن جعل (ما) مصدرية في هذا الموضع بأي حال من الأحوال؛ لأنه لا يتأتى هنا إعراب المصدر المنسبك من (ما) ومابعدها. وتقدير الكلام على الوجه الذي ذكره اللحيدي: (ورهبانية ابتدعوها كتابتنا إياها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله) فهل هذه جملة عربية لها معنى مفهوم أو تركيب أعجمي لا يفهمه إلا اللحيدي الجاهل؟!
ولو لم يصدر عن اللحيدي إلا هذا السخف لكفى في فضحه وكشف جهله المركب.
وأمر آخر غفل عنه اللحيدي الجاهل وهو أن الكتابة هنا بمعنى الفرض والإلزام، كماقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} (البقرة:183)، والذي يكتبه الله على عباده ويفرضه عليهم لا يكون بدعة؛ فالابتداع ينافي الكتابة والفرض.
وقال اللحيدي الدجال محرف القرآن أخزاه الله في موقعه في النت بعنوان (هل وقعت القارعة؟ وقفة مع ذكر الجبال وأحوالها في القرآن من خلال سورة القارعة) (ص 47 من المستندات) بعد أن ذكر سورة القارعة كاملة قال:
" بلى وعزتك وقعت، لكن المدركة أمة غبية لا تعي ولا تفقه وأنت العليم الحكيم بيدك العدل والخير، وحين هديت الولي واصطفيت المختار لينذرهم صمت الآذان وعميت القلوب والعيون عن ذكراه
أقول: ليتعظ الناصح لنفسه وليفر إلى الله تعالى فإني له نذير مبين.
أيها الأغبياء ما أقربها لكم ولن يجني أحد إلا على نفسه لما تعرض فلا يراها ويتكبر ويتعامى عن الحق لما يجليه الرب عز وجل على أكمل وجه، ولقد وعد ووعده الحق والصدق أن يريها ويبقى يريها حتى يتبين ذلك للجميع يوم لا ينفع نفسا إيمانها، فليتدارك العاقل ويلحق بالفلاح.
إن ببعث المهدي خليفة الله تعالى ورسوله نصيحة كبرى لك أيها الغافل فلا تصد ولا تتجاهل فستهلك لا محالة، إنها القارعة حلت بالناس، وها هو ربنا العظيم ييسر لنصحك ويفتح لتعليمك فلا تحرم نفسك فتكون من الخاسرين ".
ثم مضى يقرر في ثلاث عشرة صفحة أن المراد بمافي سورة القارعة اللحيدي نفسه، والآيات التي سترافق خروجه، والعذاب الذي سينزل على من يكذبه. ومما قاله اللحيدي الدجال في ذلك:
" فمعنى الآيات تلك أنهم حين يكثرون ويُكَثَّرَ لهم الخير وتفتح عليهم الدنيا من كل مكان بزهرتها، فحين ذاك تأتيهم القارعة ويحل عليهم الوعيد والوعد ويتحقق بذلك كل كلام الله تعالى وكلام رسله، فيكثر فيهم اشتداد الأنواء وتطير من فوقهم غيومه المتراكمة المنفوشة!! وتبعث فيهم رياحه المرسلات للإهلاك وجرف وجه الأراضي لتكون صعيدا جرزا، فتحل بهم النقمة بالسيول الجارفة والبروق القاتلة والزلازل المهلكة وغير هذا كثير مما هو حاصل اليوم وقبل اليوم فيهم ومنه سيكون لاحقا أكثر وأشد.
وكان من ذلك تحقق قوله عز وجل في سورة القارعة ? وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ?. تتضخم بالبرد وقد سماها بالجبال لا للتشبيه ولا لمجرد ضرب الأمثلة، بل على الحقيقة المدركة بالحس.
نعم وهكذا سماها تبارك وتعالى بالجبال في صريح القرآن، كما في قوله عز وجل: ? وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ ?. ? وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ ? لم يورد هنا " كاف " التشبيه، بل أرادها جبالا على الحقيقة وهي كذلك، وتلك الجبال هي المعنية بآيات سورة القارعة يسيرها تعالى حين يشاء حين يبلغ الناس الموعد الذي ضربه لجمعهم، فحين ذاك تنفش فتكون كالعهن وهو الصوف
¥