تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن عبدالبر: (وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ينزل ربنا إلى السماء الدنيا" عندهم مثل قول الله عز وجل {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} [الأعراف:143] ومثل قوله {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر:22] "كلهم يقول ينزل ويتجلى ويجيء بلا كيف لا يقولون كيف يجيء وكيف يتجلى وكيف ينزل ولا من أين جاء ولا من أين تجلى ولا من أين ينزل لأنه ليس كشيء من خلقه وتعالى عن الأشياء ولا شريك له وفي قول الله عز وجل {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليا للجبل وفي ذلك ما يفسر معنى حديث التنزيل ومن أراد أن يقف على أقاويل العلماء في قوله عز وجل {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} فلينظر في تفسير بقي بن مخلد ومحمد بن جرير وليقف على ما ذكرا من ذاك ففيما ذكرا منه كفاية وبالله العصمة والتوفيق)

قلت: قوله: (دلالة واضحة أنه لم يكن قبل ذلك متجليا للجبل)

فيه: ان ابن عبدالبر يُخالف المؤولة والمفوضة باثبات الصفات على الحقيقة وانها معلومة المعنى وكذلك يُخالفهم باثبات الصفات الاختيارية.

وقال في موضع آخر: (

ولكنا نقول استوى من لا مكان إلى مكان ولا نقول انتقل وإن كان المعنى في ذلك واحدا ألا ترى أنا نقول له عرش ولا نقول له سرير ومعناهما واحد ونقول هو الحكيم ولا نقول هو العاقل ونقول خليل إبراهيم ولا نقول صديق إبراهيم وإن كان المعنى في ذلك كله واحدا لا نسميه ولا نصفه ولا نطلق عليه إلا ما سمى به نفسه على ما تقدم ذكرنا له من وصفه لنفسه لا شريك له ولا ندفع ما وصف به نفسه لأنه دفع للقرآن وقد قال الله عز وجل {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} [الفجر:22] وليس مجيئه حركة ولا زوالا ولا انتقالا لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسما أو جوهرا فلما ثبت أنه ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه حركة ولا نقلة ولو اعتبرت ذلك بقولهم جاءت فلانا قيامته وجاءه الموت وجاءه المرض وشبه ذلك مما هو موجود نازل به ولا مجيء لبان لك وبالله العصمة والتوفيق فإن قال إنه لا يكون مستويا على مكان إلا مقرونا بالتكييف قيل قد يكون الاستواء واجبا والتكييف مرتفع وليس رفع التكييف يوجب رفع الاستواء ولو لزم هذا لزم التكييف في الأزل لأنه لا يكون كائن في لا مكان إلا مقرونا بالتكييف وقد عقلنا وأدركنا بحواسنا أن لنا أرواحا في أبداننا ولا نعلم كيفية ذلك وليس جهلنا بكيفية الأرواح يوجب أن ليس لنا أرواح وكذلك ليس جهلنا بكيفية على عرشه يوجب أنه ليس على عرشه)

قلت: قوله: (ليس بجسم ولا جوهر) نفي الجسم والجوهر عن الله تعالى ليس عليه دليل من الكتاب ولا من السنة

وانما عمدة من نفى هو الفهم لبعض الادلة التي هي عند التحقيق ليس فيها دليل على ذلك ومما جعل بعض الائمة يفهمها بهذا الفهم هو ما اصله بعضهم في نفي الصفات واقام حجته على سبع مقدمات ونتيجتها ان كل حادث محدث ومن هذه المقدمات اثبات الجواهر الفردة ثم اثبات ان الاجسام متشابه ثم القول ان الله ليس بجسم

وهذا الاصل من العلماء من قال بصحة مقدماته وحرم اتخاذه طريقا للعلم كالاشعري والخطابي وغيرهما ومن العلماء من انكر هذه الطريقة وبين فسادها وان حقيقتها انكار الصانع كالامام احمد وابن المبارك ان لم اهم

ويكفي في نقضها هو ان العلم الحديث بين بطلان الجوهر الفرد وهو الذي لا يقبل الانقسام

وبهذا نعلم بطلان القول باثبات الجسم لله تعالى او نفيه وان الحق هو التوقف في اللفظ والتفصيل في المعنى المراد.

وقوله: (فلما ثبت أنه ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه حركة ولا نقلة ولو اعتبرت ذلك بقولهم جاءت فلانا قيامته وجاءه الموت وجاءه المرض وشبه ذلك مما هو موجود نازل به ولا مجيء لبان لك وبالله العصمة والتوفيق)

يدل على القول بان المعاني معلومة مع الجهل بالكيفية

وهذا مثل قول ابن القيم رحمه الله تعالى عندما قال كلمة راس اذا اضفتها الى الوادي اختلفت كيفيتها عن كيفيتها اذا اضفتها الى الجبل

وهكذا

والله الموفق

يتبع ان شاء الله تعالى

ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[13 - 05 - 10, 08:24 م]ـ

.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير