تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

-حديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم وغيره قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم. فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنظرت إليها؟ " قال: لا. قال: " فاذهب فانظر إليها. فإن في أعين الأنصار شيئا ".

-حديث جابر في سنن أبي داود أن النبي عليه السلام قال: إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، قال فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها (حسنه الألباني، ارواء الغليل 1791)

-حديث أبي حميد عن النبي عليه السلام أنه قال "إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته"، و إن كانت لا تعلم. (أخرجه وصححه الهيثمي في مجمع الزوائد 4/ 279 والألباني في الصحيحة رقم 507)

-حديث محمد بن مسلمة عند ابن ماجة وعند البيهقي في السنن الكبرى من طريق سهل بن أبي حثمة أن النبي عليه السلام قال: "إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة، فلا بأس أن ينظر إليها "، صححه الألباني في صحيح ابن ماجة رقم 1522، وفي الصحيحة رقم 98.

الترجيح ..

الذي يظهر لنا والله أعلم هو قوة مذهب الحنابلة في النظر الى ما يظهر من المرأة عادة، كالوجه والرقبة واليد والقدم – وزاد بعضهم الساق - وليس الاقتصار على الوجه والكفين وفقط في كل حالة. وضابط الأمر ما يتحقق به مقصد النظر للخطبة، فان اكتفى الخاطب في ذلك بالوجه والكفين لم يكن له تجاوزهما، وان احتاج الى نظر الرأس والشعر، فلما فعل تحقق المقصود بذلك، لم يكن له أن يزيد عليه، لأن الأمر كله انما شرع بخلاف الأصل (وهو المنع) لقصد تبين حسن المخطوبة، ترغيبا للخاطب في نكاحها، كما سيأتي بيانه بحول الله.

وذلك يتبين بالنظر في النصوص الواردة في الباب، وفي حجج الأئمة والفقهاء رحمهم الله.

ومما يجدر ذكره ابتداءا، أنه قد وقع خلاف بين العلماء رحمهم الله فيما اذا كان هذا النظر عند الخطبة مستحبا أم مباحا، والظاهر والله أعلم أنه مستحب مندوب اليه. فالذين قصروه على الاباحة قالوا أنه جاء بعد عموم النهي والحظر في النظر، واذا جاء الأمر بعد الحظر فانه يكون أمر اباحة وليس للندب أو الاستحباب، والصواب أن هذه القاعدة ليست على اطلاقها، وانما يعتبر في ذلك بدلالة النصوص بمجملها، مع تبين العلة فيها، وعند استقراء النصوص يتبين أن الأمر للندب كما في حديث المغيرة، اذ قرر عليه السلام أن هذا النظر "أحرى لأن يؤدم بينكما" .. وهذا مطلب مراد في كل حال وهو مقصد لا يحسن اهماله مع القدرة عليه ..

قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع على زاد المستقنع: " قوله: «وله نظر ما يظهر غالباً مراراً بلا خلوة»، «وله»، اللام للإباحة، والضمير يعود على من أراد خطبة امرأة، ولو قال: للخاطب، لكان أولى وأوضح، أي: ولمن أراد خطبة امرأة نظر ... إلى آخره.

وظاهر كلام المؤلف هنا أن النظر للمخطوبة مباح وليس بمطلوب؛ وعلَّلوا كونه مباحاً أنه ورد بعد الحظر، فيكون مباحاً كالأمر بعد الحظر عند أكثر الأصوليين يكون للإباحة، ولكن العلماء ـ رحمهم الله ـ يعبرون بما يفيد الإباحة أحياناً لدفع توهم المنع، لا لإثبات الحكم المباح، مثلاً قالوا في باب الحج: ويجوز للقارن والمفرد أن يتحول إلى عمرة ليصير متمتعاً، مع أن الأمر سنة.

قال صاحب الفروع: لعلهم عبروا بالجواز لدفع قول من يقول بالمنع، فلا ينافي أن يكون مستحباً، فهنا قال: «وله نظر» فيحتمل أن المؤلف عبر بما يدل على الإباحة دفعاً لتوهم المنع، فلا ينافي أن يكون مستحباً، ولهذا نقول: يسن لمن أراد أن يخطب امرأة أن ينظر إلى ما يظهر غالباً، فإن كان المؤلف أراد دفع توهم المنع فلا إشكال، وإن كان أراد إثبات حكم الإباحة، فالمسألة فيها قول آخر وهو أنه سنة وهو الصواب، إلا إذا علم الإنسان بصفتها بدون نظر، فلا حاجة، كما لو أرسل امرأة يثق بها تماماً فإنه لا حاجة إلى أن ينظر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير