[آداب الخلاف والمتخالفين]
ـ[أبو نهاد]ــــــــ[05 - 04 - 06, 06:04 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم
على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لما كنت أتجول في معرض الكتاب الذي أقيم
قبل فترة في الرياض في صالة المعارض كنت أبحث
عن شرح صحيح البخاري للكرماني طبعة بولاق،
وأثناء بحثي مررت بمعرض لتسجيلات أسمها .. (نسيت)
فلفت نظري إلى شريط بعنوان فقه الخلاف للشيخ: محمد الحسن
الددو من علماء موريتانيا- والشيخ غني عن التعريف- فأخذت
الشريط فسمعته بتأن وتؤدة فأعجبني كثيرا
فقلت في نفسي كم نحن الذين يقال عنا (طلبة علم)
بحاجة إلى مثل هذه المواضيع
فلو نظرت إلى إنسان يقال عنه إنه طالب علم جيد
أو شيخ أو ... أو،،،،، ثم جمعك معه مجلس
حوار أو مناقشة أو تبادل وجهات النظر وكان
في المجلس عدة أراء مختلفة تراه - إلا من رحم الله- بعيدا
عن آداب الحوار وآداب التعامل مع المخالف
بل أحيانا تجد بعضهم يحاور إنسانا ينسى أنه مسلم وينسى
أنه من أهل السنة وينسى أن مسائل الاتفاق بينه وبين أخيه
أكثر بكثير من مسائل الخلاف وقد تكون المسألة من المسائل
التي الخلاف فيها ضعيف جدا
لهذا وغيره أحببت أن أنقل من كلام الشيخ
حفظه الله تعالى بتصرف يسير ما يتعلق بهذه القضية وهي
آداب المتخالفين
أرجو أن تكون نافعة لإخواني كما انتفعت بها
وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يستعمون القول
فيتبعون أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الأدب الأول: البدء بنقاط الاتفاق قبل نقاط الخلاف،
فإذا حصرنا نقاط الاتفاق هانت نقاط الخلاف
وذابت وسهل تجاوزها، وإنما تشتد شقة
الخلاف وتكثر الفجوة فيه بسبب البدء
بنقاط الخلاف أولا وتجاهل نقاط الاتفاق
التي قد تكون أكبر.
الأدب الثاني: عدم الجرح والاستطالة، فالمتخالفان
لا بد أن يتأدبا بأدب شرعي فلا يستطيل
أحدهما على الآخر ولا يجرحه قال الله تعالى
في مخاصمة الكفار (ولا تجادلوا أهل الكتاب
إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم)
وقال لموسى وهارون حينما أرسلهما إلى
فرعون (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)
وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم
(فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ
القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم
وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)
الأدب الثالث: عدم رفع الصوت، فرفع الصوت
في حال الخلاف مدعاة لدخول الشيطان
ومدعاة للاستطالة ولهذا حذر الله منه
فقال تعالى (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول
إلا من ظلم)
الأدب الرابع: قبول الحق والإنصات له، فلا بد
أن يكونا المختلفان يطلبان الحق وينصتان له
ويقبلانه، فالذي يصم عن الحق ولا يقبله
لا يمكن أن يتأدب بأدب الخلاف أصلا، ولهذا
قال الله تعالى (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)
فهم يستمعون أولا ثم يتبعون
وعدم الاصغاء والاستماع بل التنفير منه صفة
من صفات الكفار الذين قال الله عنهم (وقال الذين
كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن ولغوا فيه لعلكم تغلبون)
فلا بد من الاصغاء للخصم حتى يسمع الإنسان ما عنده،
ولا بد أن يقبل ما فيه من الحق ولهذا علمنا الله في
مجادلة المشركين أدبا عجيبا فقال تعالى
(وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين)
فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم
هو الذي على الهدى وأن المشركين هم الذين
على ضلال مبين، لكن أتى بـ (أو) في هذا الأسلوب
لأدب الخلاف
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم في الخلاف
مع المشركين يخاطبهم بأحب أسمائهم إليهم فلما
أتاه عتبة بن ربيعة قال له: اسمع أبا الوليد،
انظر إلى التكنية، فهذا يقتضي الأدب مع كل مخالف فلا
فائدة من نقص الأدب معه وإنما يزيده نفرة ولا يزيد
الحق ظهورا، ولهذا قال الشافعي رحمه الله تعالى
ما ناظرت أحدا إلا سألت الله أن يظهر الحق على لسانه
قيل ولم؟ قال: إن ظهر على لسانه عرفت الحق ولم يفتن
وإن ظهر على لساني خشيت أن أفتن.
وقد بين الله سبحانه وتعالى أن الخلاف لا يقتضي استنكافا
عن الحق وإنكاراله فقال: (ولا يجرمنكم شنئان قوم
على أن لا تعدلوااعدلوا هو أقرب للتقوى)
ولذلك فإن عروة بن مسعودكما في صحيح مسلم أثنى
على الروم بما علم فيهممن الخير، وقد ذكر النبي
صلى الله عليه وسلم عددا من المشركين
¥