تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخيراً نذكر والد قاضينا حفظه الله ورعاه , ونقصد به القاضي إسماعيل بن محمد بن محمد العمراني (توفي سنة 1344هـ) الذي قال عنه المؤرخ الكبير محمد بن محمد زبارة: كان فاضلاً زاهداً قانعاً متواضعاً ورعاً رحمه الله رحمة الأبرار.

بيئته التي نشأ فيها:

لم يكن الفقر إلا باعثاً للطموح في قلب القاضي محمد بن إسماعيل العمراني، إذ جعله حافزاً لبذل الجهد الكفيل بتجاوزه، ولا يُنكر أن إحساسه منذ الصغر بأنه ابن العلماء الكبار قد جعله يبذل كل طاقته في بلوغ مراتبهم، إذ صرح بذلك بنفسه عندما قال: طالما تردد إلى سمعي من كبار السن من القضاة والعلماء عبارة توبيخية: أنت ابن القاضي إسماعيل بن القاضي محمد ... لقد كان جدك من كبار علماء صنعاء، وكذلك جد أبيك، وكأنهم بهذا يستجيشونني ويحفزونني للعلم واللحاق بركب العلماء.

القاضي العمراني في مرحلة طلب العلم:

كانت ساحات مسجد الفليحي في صنعاء القديمة (وأطلق عليها آنذاك مدرسة الفليحي الابتدائية) هي أولى مجالس العلم التي جلس فيها القاضي العمراني، فأخذ فيها القرآن الكريم وتجويده، كما أخذ مختصرات العلوم الدينية ممثلة في منهج المدرسة من الأخلاق والنحو والخط والإنشاء والحساب والهندسة والجغرافيا والصحة ونال منها أول شهاداته، ثم انتقل منها إلى مدرسة الإصلاح التي أسسها الإمام يحيى سنة 1351هـ وكان من أوائل خريجيها.

كان القاضي العمراني حريصاً على طلب العلم أينما وجده، لا يهمه الاقتصار على مدرسة بعينها أو شيخ بذاته، فقد كان ابن خالته العلامة عبدالكريم بن إبراهيم الأمير أحد أكبر مشائخه، وفي حين أنه كان طالباً في مدرسة الفليحي فقد كان يتبع أثر أحد العلماء الذين أحبهم، هو الأستاذ غالب الحرازي، فيجلس بين يديه أينما ذهب، في مدرسة بير العزب ومدرسة بير الشمس، كما كان يذهب إلى الروضة في ضواحي صنعاء للتتلمذ على الأستاذ الحسن بن إبراهيم، كل هذا وهو لم يبلغ الرابعة عشرة من عمره.

وفي المرحلة التالية (بعد تخرجه من مدرسة الإصلاح) انتقل القاضي العمراني ليدرس في الجامع الكبير بصنعاء بالإضافة إلى مسجد الفليحي، وهناك تتلمذ على أكثر من عشرين شيخاً، هم أكثر أهل صنعاء علماً، وأبرزهم فهماً، وأطولهم باعاً، وقد عد هو بنفسه ما درسه على أيديهم فإذا بها حوالي أربعين كتاباً في جميع فروع العلوم من القرآن وعلومه، والتفسير وفنونه، واللغة وآدابها، والنحو وقواعده، والفقه وأصوله، الفرائض، والحديث، والتاريخ وغيرها الكثير.

يقول القاضي عن نشاطه في هذه المرحلة: وبينما كنت أختلف إلى مشائخي لآخذ عليهم كبار الكتب – كتب التخصص – كنت أستعين الله، وأفتح حلقات علمية لطلاب أقل مني تحصيلاً في الكتب الأولية من المتون والمختصرات التي تشمل كتب الفقه واللغة والحديث، وبهذا الأسلوب حصلت على فوائد جمة، وعلوم نافعة قيمة أكثر مما لو كنت مقتصراً على التحصيل فقط.

وقد حصل القاضي محمد العمراني على حوالي ثلاثين إجازة عامة وخاصة من أكبر العلماء وأشهرهم، من علماء اليمن في صنعاء زبيد والمراوعة، والحديدة، وكذلك بعض علماء العراق، وقال أحدهم في إجازته له: (إن القاضي محمد بن إسماعيل العمراني إذا ما أعطي درجة علمية فهو فوق الدرجات والشهادات العلمية العالية، وهذا أقل ما يقال في حقه)، ولا يمنح العلماء إجازاتهم إلا لمن ارتقى عندهم إلى منزلة عالية رفيعة القدر، وتمتع بإجلالهم واحترامهم وتقديرهم، وهذا ما هو ما حققه القاضي العمراني، إذ يتضح ذلك من خلال أوصافهم له في ثنايا إجازاتهم، فمما وصفوه به أنه: (العلامة، الفهامة، الألمعي، النبيه، المدقق، الحافظ، الورع، التقي، الزاهد، المحقق، علم الأعلام، مفخرة اليمن، نسابة الزمن، عز الإسلام).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير