صدق أبو القاسم الحريري عندما قال في المقامة الشعرية: (واستِراقُ الشّعرِ عندَ الشّعراء، أفظَعُ منْ سرِقَةِ البَيْضاء والصّفْراء، وغَيرَتُهُمْ على بَناتِ الأفكارِ، كغيرَتِهِمْ على البَناتِ الأبكارِ). فقد كثر داء السرقات العلمية للكتب والبحوث والأفكار والمشروعات العلمية، مما زهَّد الباحثين الجادِّين في نشر البحوث خوفاً عليها من السرقات، بل إننا في هذا الملتقى لم نسلم من هذه السرقات، فقد اطلعت على كثير من الأفكار والبحوث المنشورة في مجلات هنا وهناك تنقل من الملتقى البحوث والمقالات، ولا تكلف نفسها عناء الإشارة إلى هذا الملتقى على أنه مصدر نشر هذه الدراسات والمقالات.
وقد أشار أخي أبو مجاهد العبيدي قبل مدة إلى سرقة علمية وقعت من بعض المنتسبين للعلم ممن كثرت مصنفاته، وغالبها مأخوذة برمتها من مؤلفات سابقة، لمؤلفين معروفين، قدماء ومعاصرين، واطلعت على ما عقب به بعض الإخوة على تلك المشاركة من مؤيدين ومعارضين، ولم أجد مجالاً للاعتذار لأصحاب هذه النزعة الغريبة في السطو على أعمال علمية تعب عليها أصحابها، وطبعت ونشرت على الملأ، ثم يأتي أحدهم فيأخذها برمتها وينسبها لنفسه، ويدافع المدافعون عن مثل هؤلاء بحجج ضعيفة غير مقبولة.
وهذه حادثة أخرى:
حصلتُ على العدد الثاني والعشرين من مجلة كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وهو العدد الثاني والعشرون لعام 1426هـ وفي الصفحة 838 منه بحث عن التفسير العلمي بعنوان:
تفسير القرآن الكريم بمكتشفات العلم التجريبي في الميزان
لأحد الباحثين في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة في قسم التفسير وعلوم القرآن.
ومنذ قرأت العنوان رجعت بي الذاكرة إلى بحثٍ بعنوانٍ قريبٍ جداً لشيخي وأستاذي الفاضل الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الشايع كان نشره في شهر رجب من عام 1411هـ في العدد الرابع من مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بعنوان:
التفسير بمكتشفات العلم التجريبي بين المؤيدين والمعارضين
.
وقد قرأت البحثين كاملين، فلم يخالجني شك بأن الباحث قد نقل بحث الدكتور محمد الشايع برمته، دون تعديل يذكر إلا استهلاله البحث بخطبة الحاجة في خمسة أسطر ثم بدأ في النقل بعد ذلك. وقد ترددت في نشر هذا على الملأ، ستراً على هذا الباحث، ولكنني استشرت من هو أعلم مني من أساتذتي الفضلاء، ولهم خبرة بهذه الأمور، فنصحوني ببيان هذا للباحثين، وأن السكوت عن مثل هذه السرقات يغري بالاستمرار فيها، وأن هذه البحوث المسروقة سوف تكون سُلَّماً للترقية إلى درجات علمية.
وقد قابلت البحثين بنفسي، ومرة أخرى مع أخي الكريم أبي مجاهد العبيدي، ثم أخيراً قابلت بعضه مع الدكتور محمد الشايع بنفسه.
ولا أريد أن أطيل، وإنما قمت بتصوير عدد من الصفحات من البحثين، وسأرفعهما على الموقع لاحقاً، لتروا بأنفسكم مدى التطابق بين البحثين. وقد وعد الدكتور محمد الشايع أن يكتب بهذا لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر في القاهرة، حتى لا يُعتَدَّ بهذا البحث في ترقية ونحوها.
(1) - المشرف العام على موقع تفسير
ـ[شمس الدين ابن راشد]ــــــــ[08 - 02 - 08, 12:47 ص]ـ
وقفة مع عائض القرني:
عبد الله السمطي:
1 - لا نستطيع ونحن نتصفح كتاب عائض القرني: (قصائد قتلت أصحابها) إلا ان نتذكر مقولة الجاحظ بتصرف بسيط: الأفكار مطروحة في الطريق، يعرفها القاصي والداني، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نستدعي ايضا مقولة للشاعر الفرزدق: خير السرقة ما لا تقطع فيه اليد، وكان يعني أول ما يعني: سرقة الشعر، ونحن هنا بإزاء قضية أدبية بطلها الموضوع نفسه لا المؤلف ولا الكتاب فحسب.
فمسألة قتل الشعراء ظاهرة بارزة في تراثنا العربي، منذ مقتل طرفة بن العبد، حتى مقتل الشاعر العراقي محمود البريكان في منزله بقصد السرقة. مرورا بعشرات الشعراء مثل: امرىء القيس، بشار، المتنبي، ابن المعتز، دعبل، وهاشم الرفاعي.
هذا سوى قتل النفس كما نرى في حالة: عبدالباسط الصوفي، أو خليل حاوي، وسوى القتل المعنوي وهذ حدث ويحدث لآلاف الشعراء العرب قديما وحديثاً. من هنا فإن الفكرة نفسها مطروحة في الطريق، لكن من يجوهرها أولا؟ هذا هو السؤال.
¥