تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولقد كان صاحبنا وهو ينهب ويغير على متاع الغير في عجلة من أمره ولهفة، وكانت حالُهُ كحال حاطب الليل الذي لا يدري ما يحطب، فيجمع في حبله ما غث وما سمن، وربما سرق أشياء وهو لايعرف قيمتها فيبيعها بثمن أقل من ثمنها، وربما فعل العكس، فغالى في قطعة مسروقة، وهو لا يدري مقدار تفاهتها. وقد تقع من يده أشياء وهو لا يعرف قيمتها فيبيعها بثمن أقل من ثمنها، وربما فعل العكس، فغالى في قطعة مسروقة، وهو لا يدري مقدار تفاهتما. وقد تقع من يده أشياء وأثناء الحطب والنهب فتتكسر ولا يعرف كيف يصلحها ويرممها ويرتب أجزاءها، فيقدمها للمشتري على حالها مثغورة مكسورة معيبة، وقد تتشابه عليه القطع بألوانها وأشكالها فيضم بعضها إلى بعض وهي ليست من أصل واحد، والحال أن معرفة ذلك ليس من صنعته، فهو يعرف السرقة فقط. وكل هذا قد لاحظناه في العمل الذي عمله صاحبنا من غير دراية ولا تبصر. ولو تبصر قليلا أو كانت له أدنى دراية بالمتاع المسروق لعرف كيف يغطي بعض عيوبه ويخفي آثار طريقه. وهاك بعض الأمثلة؟

1. فالكتاب- كما يدل عليه عنوانه- خاص بالحركة المعجمية في الأندلس، أو المفروض أن يكون كذلك، ولكن السيد يوسف عيد بعد أن وضع العنوان المذكور، أقحم فيه نصوصا –نهبها هي الأخرى من هنا وهناك- لا علاقة لها بموضوع الكتاب. فقد وجدني في كتاب (المعجم العربي بالأندلس) أتحدث عن القواميس الأندلسية الخاصة بالأفعال وأذكر منها كتب ابن القوطية وابن القطاع السرقسطي وغيره. فأحب صاحبنا أن يزيد شيءا على ما ذكرته، فماذا فعل؟ لجأ إلى نقل نصوص بكاملها من بحث الدكتور أحمد مختار عمر حول (معاجم الأبنية في اللغة العربية) من غير أن ينظر فيما ينقله ويحشده، فكانت النتيجة أن أقحم في كتابه نصوصا خاصة بالحديث عن كتاب (فعلت وأفعلت) لأبى حاتم السجستاني وآخر بنفس العنوان للزجاج، وهو لا يعلم أن المؤلفين معا ليسا من رجالات الأندلس ولا كتابيهما من المؤلفات والقواميس الأندلسية.

2. ثم رآني أيضا أتحدث عن أنواع القواميس اللغوية التي عرفتها بلاد الأندلس، فأحب أن يظهر بعض تفوقه ونبوغه ويضيف إضافات أخرى. فماذا فعل؟ لجأ إلى حديث المستشرق الإسباني بلنثيا في (تاريخ الفكر الأندلسي) عن بعض قواميس الأعلام البشرية وكتب الطبقات والتراجم، كمؤلفات ابن الأبار وابن الفرضي وابن بشكوال والخشني وابن عفيون وغيرهم، فنقل ذلك الحديث وهو يعتقد أنه أصاب المرمى وبلغ الغاية، وما علم –سامحه الله- أن هذه الكتب لا علاقة لها بالحركة المعجمية اللغوية ولا هي من قواميس الألفاظ أو قواميس المعاني، وأن كلام صاحب (تاريخ الفكر الأندلسي) وارد في سياق آخر غير سياق كتابي في موضوع خارج عن موضوعه.

3. وظل ينهب من كتاب (الحركة اللغوية بالأندلس) ما شاء، ويحطب على عجل خشية أن يفاجئه مفاجئ أو تقع عليه عين حارس، فخلط وجلَّط، كما يقول العامة –وله العذر وهو على هذه الحال- فقد تحدث صاحب (الحركة المعجمية) عن النشاط اللغوي في القرن الثالث وأتبعه بالحديث عنه في الرابع ثم الخامس، فجاء كلامه يحكمه تسلسل تاريخي وترابط منطقي ووفق خطة لا غبار عليها، ولكن صاحب (النشاط المعجمي .. ) حين سلخ منه ما سلخ، اضطرب وتلجلج واختلط عليه الحابل بالنابل والأول بالآخر، فوضع في ص.31 عنوانا سماه: "1 - مدخل: حالة اللغة في الأندلس قبل بدء التأليف المعجمي"، وكان المفروض أن يذكر تحت هذا العنوان البوادر الأولى في التأليف اللغوي بالأندلس إلى غاية القرن الثالث الهجري الذي ظهرت فيه أولى ثمرات التأليف القاموسي. ولكنه بحكم تراميه على الموضوع، واضطراب الأمر عليه وهو على حاله التي عليها، جمع تحت العنوان المذكور كل ما ألفه الأندلسيون من مؤلفات اللغة إلى نهاية القرن الخامس. وهكذا حشد نصوصا مسروقة –بالطبع- حول القالي والزبيدي وابن القوطية والبكري والبطليوسي وابن سيدة وغيرهم. هذا مع العلم أن (رقم 1) اذي رقَّم به المدخل لم يكن له ثانٍ ولا ثالث في هذا المجموع فظل مفردا يتيما.

وبعد ذلك وضع عنوانا آخر (ص.71) وهو: "الفصل الأول: القالي وأهمية مدرسته" فكرر فيه وأعاد الحديث عن القالي والزبيدي والبطليوسي وابن سيدة وغيرهم ممن ذكروا في (المدخل) على أنهم ينتمون إلى الفترة التمهيدية السابقة لمرحلة التأليف القاموسي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير