وهذا تكرار من ابن الجوزي لما ذكره في الأمر الثاني، ولعل أبا نعيم لم يرد إخلاء كتابه من الفوائد الحديثية، وخاصة في تراجم علماء الحديث الأجلاء.
الخامس:
أنه ذكر في كتابه أحاديث كثيرة باطلة وموضوعة فقصد بذكرها تكثير حديثه وتنفيق رواياته ولم يبين أنها موضوعة ومعلوم أن جمهور المائلين الى التبرر يخفى عليهم الصحيح من غيره فستر ذلك عنهم غش من الطبيب لا نصح.
أما تفسير قصد أبي نعيم بتكثير حديثه وتنفيق رواياته فمدفوع عنه فأبو نعيم إمام مكثر وله من التصانيف والشهرة ما يغنيه عن التكثر، وطلب تنفيق الحديث لأن هذا إنما يكون من مغمور يريد الشهرة.
وأما رواية الأحاديث الباطلة والموضوعة والسكوت عنها، وهذا منهجه في هذا الكتاب وفي جميع مصنفاته،
وقد وافق الذهبي ابن الجوزي في هذا النقد فقال:
" ما أعلم له ذنباً والله يعفو عنه أعظم من روايته للأحاديث الموضوعة في تواليفه ثم يسكت عن توهيتها"
(سير أعلام النبلاء 17/ 461).
ولا يعاب على أبي نعيم بهذا فهو على منهج المحدثين فهو يؤدي ما تحمله في كتابه هذا وفي غيره بأسانيده ثم يبقى الحكم على الأحاديث والآثار لمن يأتي بعده، وهذا ما لا يستطيعه الصوفية، لنبذهم العلوم، ورغبتهم في الوقوف على الأحوال وكلام أهل الحقائق فقط.
مع أن ابن الجوزي قد وقع فيما عاب به على أبي نعيم!
ففي كتابه صفة الصفوة قال:
فصل ((ومن كلامه المتقن وأمثاله العجيبة صلى الله عليه وسلم))
أورد عدداً من الأحاديث الموضوعة التي لا يخفى بطلانها على أهل الصنعة ونسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير بيان أنها موضوعة،
ومن غير ذكر أسانيدها حتى يمكن للباحث من بعده أن يدرس أسانيدها ويحكم عليها.
(صفة الصفوة 1/ 203 – 218، وفيها جملة من الأحاديث موضوعة ذكرها ابن الجوزي في الموضوعات مثل حديث:" استعينوا على إنجاح حوائجكم بالكتمان "، أورده في صفة الصفوة 1،216، وحكم بوضعه في الموضوعات 2/ 503.)
السادس:
السجع البارد في التراجم الذي لا يكاد يحتوي على معنى صحيح خصوصاً في ذكر حدود التصوف.
وهذا صحيح فمن ذلك قول أبي نعيم:" ومنهم الفقيه القوي سالك السمت المرضي بالعلم الواضح المضي والحال الزاكي الوضي؛ أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي كان بالأوامر مكتفياً وعن الزواجر منتهياً تاركاً لتكلف الأثقال معتنقاً لتحمل الواجب من الأفعال،
وقيل:" إن التصوف تطهر من تكدر وتشمر في تبرر"
(حلية الأولياء 4/ 310).
السابع:
إضافة التصوف إلى كبار السادات كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن وشريح وسفيان وشعبة ومالك والشافعي وأحمد وليس عند هؤلاء القوم خبر من التصوف.
الثامن:
أنه حكى في كتابه عن بعض المذكورين كلاما أطال به لا طائل فيه تارة، ولا يكون في ذلك الكلام معنى صحيح.
التاسع: أنه ذكر أشياء عن الصوفية لا يجوز فعلها فربما سمعها المبتدىء القليل العلم فظنها حسنة فاحتذاها.
العاشر:
أنه خلط في ترتيب القوم فقدم من ينبغي أن يؤخر وأخر من ينبغي أن يقدم فعل ذلك في الصحابة وفيمن بعدهم فلا هو ذكرهم على ترتيب الفضائل ولا على ترتيب المواليد ولا جمع أهل كل بلد في مكان وربما فعل هذا في وقت ثم عاد فخلط خصوصاً في أواخر الكتاب.
وهذا سهل فبوجود الفهارس التي وضعت للكتاب يمكن الوصول إلى التراجم بسهولة.
ـ[الرايه]ــــــــ[28 - 02 - 08, 05:40 م]ـ
منهج المصنف في الكتاب إجمالاً.
أولاً: منهجه في ترتيب التراجم:
-بدأ بتراجم العشرة المبشرين بالجنة، ثم بقية الصحابة على غير ترتيب معين.
-ثم انتقل إلى الكلام عن أهل الصفة، وذكرهم مرتبين على حروف الهجاء، واستفاد ممن سبقه في ذكر أهل الصفة، وهما أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو سعيد الأعرابي
ثم استدرك عليهما بعض الأسماء التي لم يذكراها.
-وختم تراجم الصحابة بذكر جملة الصحابيات رضوان الله عليهن.
-أعقب ذلك بذكر تراجم الطبقة الأولى من التابعين، بدأ بترتيبهم على البلدان فقدم تابعي البصرة ثم تابعي المدينة ثم تابعي الكوفة.
-لم يلتزم ترتيباً معيناً بعد ذلك، وقد نبه في عدة مواضع إلى هذا الخلل فقال:
" ذكرنا نفراً من متقدمي طبقة الكوفيين في ذكر زهاد اليمانية وعبادهم وعدنا إلى ذكر جماعة من عباد الكوفيين ونساكهم "
(حلية الأولياء 6/ 149)
وقال بعد عدة تراجم:
¥