[تكاليف: ونعم الصديق؟]
ـ[ابن فرات]ــــــــ[25 - 11 - 09, 04:01 ص]ـ
هل أنت ممن يقال عنه: ونعم الصديق؟
هل أنت على ثقةٍ بصداقة من حولك؟
هل تعرفت على معاني الصداقة الحقيقية؟
لماذا نسمع أن الصديق عملة نادرة؟
متى يمكنك معرفة صديقك حق المعرفة؟
و أكثر من هذه الأسئلة ربما تدور في الذهن، عن الصداقة والصديق، في زمنٍ تكاثرت فيه الأقوال، وتضائلت فيه الأفعال، وازدادت فيه ضبابية المعاني الحميدة، ولم يعد للجفاءِ مَن ينكره ومنه يتقلل، و لا للوفاءِ من يعرفه ونُسيَ السمَوْأَل، واحتار الوفاء أن يجد له مكانا ً وهو من الله بمكان!!
وقد خاض الناس منذ القدم في الكلام عن الصديق الوفي، فمن قائل بندرته، ومن شاك بوجوده، ومن منكر لوجوده أصلا ً، ولكنهم أجمعوا على عدم وفرته، كل هذا لِعِظَمِ مكانة الصديق اذا كان يحمل بالفعل معاني الصداقة الحقيقة ظاهرا و باطنا.
قال بعض السلف: عليك بالأصدقاء، ألم تسمع قوله تعالى: (فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) الشعراء.
وقال عبدالملك بن مروان لبعض جلسائه: قد قضيت الوطر من كل شيء، إلا من محادثة الأصدقاء في الليالي الزهر على التلال العفر.
وقال سليمان بن عبدالملك: قد ركبنا الفارِه و تبطنا الحسناء و لبسنا اللين و أكلنا الطيب، وما أنا اليوم الى شيء أحوج مني إلى جليس يضع عني مؤونة التحفظ ويحدثني بما لا يمجه السمع ويطرب له القلب.
وقد شك المتنبي بوجود الصديق في قوله:
وصرتُ أشكُ فيمن أصطفيه ِ ... لعلمي أنهُ بعض الأنام ِ
ومنهم من كشف أمر من زعم أنه صديقه المواتي، وظنه أوثق سهم في كنانته، ولكن بعد اختباره، قال:
سكبناهُ ونَحسِبهُ لجينا ً .... فأبدا الكيرُ عن خَبَثِ الحديد ِ
ومنهم من كره الدنيا إذا خلت من صديق، كالشافعي في قوله:
سلام ٌ على الدنيا إذا لم يكن بها .... صديقٌ صدوق ٌ صادق الوعد منصفا
ومنهم من أجاز للحقائق أن تنقلب كقول المتنبي:
ومن العداوةِ ما ينالك نفعه ُ .... ومن الصداقةِ ما يضر و يؤلم ُ!
وكما أن المروءات لا تظهر إلا في الأزمات، كذلك الصديق لا يظهر إلا بالضيق وقد قيل قديماً: في تقلب الأحوال، معرفة جواهر الرجال، أما حال السكون والدعة، فدعوى الصداقة والإخاء كثيرةٌ.
فَما أكثرَ الخلان حينَ تَعُدهُم .... ولَكِنهم في النائِباتِ قليلُ
وكم ممن خرج من جماعة ٍ ليدخل في أُخرى ولم يصب صديق أو نصف صديق، وحاله: في كل وادٍ بنو سعد، و حر الشمس يلجئُ الى مجلس السوء، كناية عن قلة الأصدقاء، وتطول رحلته في البحث عنه فإن وجده لم يفلته، وعض على صحبته بالنواجذ، وأصبحت مودته أثبت من الوشم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عله وسلم: "إنما الناس كالإبل المائة. لا تكاد تجد فيها راحلة" متفق عليه.
وقال الشعبي: تعايش الناس بالدين زمانا ً حتى ذهب الدين، ثم تعايشوا بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعايشوا بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم تعايشوا بالرهبة والرغبة، وسيتعايشون بالجهالة زمناً طويلا ً.
وقال ابن عائشة: مجالسة أهل الدين تجلو عن القلوب صدأ الذنوب، ومجالسة أهل المروءات، تدل على مكارم الأخلاق، ومجالسة العلماء تزكي النفوس.
وللصديق فيما يعد ُ العادون، صفات وآداب كثيرة ينبغي للمرء أن يتحلى بها وأن يبحث عمن يتحلى بها ....
قال إبراهيم ابن أدهم: أنا منذ عشرين سنة، في طلب صديق إذا غضب لم يقل إلا الحق، فما أجده!
الصفة (1): قول الحق عند الغضب.
وقيل لمسور بن مخرمة الزهري: أي الندماء أحب إليك؟ قال: لم أجد نديما ً كالحائط إذا غضبت لم يغضب علي، وإن أسررت له بشيء لم يفشه عني.
(2): عدم مجاراة الصديق في الغضب.
من لي بإنسانٍ إذا أغضبتهُ ... وجَهِلت كان الحلم رد جوابه ِ
(3): عدم إفشاء سره.
يُبدي و يُخبِرُ عن زلاتِ صاحبهِ .... وما يرى عندهُ من صالح ٍ دَفنا
وقيل لأعرابي من أكثر الناس عشرة، قال: من اذا بعد مدح، واذا ظُلِمَ صفح، واذا ضويق فسح، فمن ظفر به فقد أفلح ونجح.
(4): مدحه لصديقه الغائب.
(5): يعفو عن ظلم صاحبه وخطئه بحقه.
(6): إفساح المجلس له.
قال أحد الأعراب: السؤال عن الصديق أحد اللقائين.
(7): السؤال عنه إذا غاب.
¥