[الداعية التي استجاب الله لدعائها - والدة الشيخ سعيد الزياني]
ـ[ saead] ــــــــ[07 - 12 - 09, 09:01 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه إلى يوم
الدين.
كانت أم سعيد امرأة متميزة في مجتمعها - قبل أن تكون أم فنان وإعلامي مشهور ثم أم
داعية بعد توبته – فقد كانت امرأة مثقفة، منهومة بقراءة الكتب ولها مكتبة كبيرة في
بيتها،
كانت تقرأ مثلا ل: سلامة موسى، برناردشو، ونجيب محفوظ وغيرهم، وكانت من
المداومين (حتى لا أقول من المدمنين) على قراءة مجلة (العربي) الكويتية، التي
كان رئيس تحريرها آنذاك: أحمد زكي، ومجلة (اللسان العربي) التي كانت تصدر شهريا
في شكل كتاب عن (مكتب) التعريب في المغرب، لدرجة أنها كانت تجمع الأعداد وتضعها في
الرفوف حسب الترتيب، ثم تجلدها مجموعات لكي تثري بها مكتبتها. وعلى ذكر (اللسان
العربي) فقد كان ابناها الصغيران محمد وسعيد يلعبان أحيانا بهذه الكتب والمجلات
فتجد بعض الأعداد ناقصة وليست في مكانها فتأتي إلى محمد قائلة بغضب: أين اللسان
العربي؟ فلا يجد جوابا يحتج به فتضربه، ثم تذهب إلى سعيد فتسأله نفس السؤال وبنفس
الغضب: أين اللسان العربي؟ فيُخرِج لسانه ثم يقول لها: هذا هو، فتقول له بغضب
غَلَبَ عليه الضحك: ليس عن هذا أسألك، فيرد عليها قائلا: والله إنه لعربي وليس
بأعجمي، فتضحك من قوله ولا تضربه، فيحتج محمد: لماذا ضربتني ولم تضربيه؟ فتقول
: هو يعرف كيف يرد ويضحكني ويُذهب غضبي، وأنت لا تعرف كيف ترد. كذلك مما كان يميز
أم سعيد، أنها كانت تُجيد رياضة (الكاراتيه) حتى وصلت إلى الحزام البُنِّي والذي
بعده مباشرة الحزام الأسود. ومرت الأيام والسنون، وأصبح ابنها سعيد من مشاهير
الإعلام (راجع قصة توبة الداعية الشيخ سعيد الزياني وتحوله من فنان إلى داعية) ثم
استقام ابنها محمد وتاب إلى الله وأثر على والدته التي التزمت بدين الله، وحوَّلت
اهتمامها بالقراءة إلى دراسة الكتب الإسلامية والتفقه في دين الله تعالى فحفظت
نصيبا من كتاب الله تعالى لدرجة أنها كانت أحيانا تقرأ في قيام الليل بسورة البقرة
في ركعة واحدة عن ظهر قلب. ثم أصبحت داعية إلى الله فهدى الله على يديها العشرات
من النساء إذا لم أقل المئات، فكانت لها حلقة أسبوعية في بيتها تحدث فيها النساء
وتعلمهن مما علمها الله، وكان دائما لديها في بيتها الفائض من لباس الحشمة (
الجلباب الفضفاض والحجاب) فكلما دخلت بيتَها امرأة (متبرجة) خرجت متحجبة تائبة
إلى الله. ولكن الهمَّ الذي لازمها وجعلها متواصلةَ الأحزان لا تفتر عن الدعاء
والبكاء، هو ابنها سعيد الذي لم يكن قد تاب بعد إلى الله. فبعد محاولات منها
لإقناعه بالتوبة دون جدوى، سافرت هي وابنها محمد مع رفقة صالحة إلى البقاع المقدسة
، لتأدية فريضة الحج، فكانت في جميع المواطن في الذهاب والعودة وأثناء تأدية
المناسك وبالأخص في عرفات تدعو بحُرقة وحزن وبكاء: يا رب: ابني سعيد، يا رب ابني
سعيد، اللهم اهده واجعله داعيا إلى دينك. كانت تدعو بإلحاح وباستمرار، حتى تأثر
النساء اللواتي كُنَّ معها في الرفقة. انتبهوا هنا إلى عِبْرَةٍ مهمة: كانت تسأل
الله أن يكون ابنها داعيا إلى الله في الوقت الذي كان فيه متهاونا في الصلاة بل
تاركا لها، والعبرة هنا أنه على الآباء والأمهات أن يسألوا الله لأبنائهم أعلى
الدرجات والتوفيقَ لصالح الأعمالِ والأقوالِ وأحسنِها، (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً
مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ
؟)
مباشرة بعد عودة أم سعيد من الحج، بدأت تتغير أحوال ابنها سعيد، إلى أن تاب إلى
الله، وتفرغ لطلب العلم والدعوة إلى الله، استجابة لدعوة والدته، بعد أن كان
تاركا للصلاة، ولم يكن يحفظ شيئا من كتاب الله، ففتح الله عليه بحفظ نصيب من
القرءان والتفقه في دين الله تعالى، وجعل الله الأثر في دعوته (ارجع إلى تفاصيل
قصة توبته). وبعد أن أقر الله عين أم سعيد بهداية أبنائها، واستجاب لدعائها،
ابتلاها بمرض السرطان في الثدي، فامتنعت أن تذهب إلى الطبيب، بحجة أنها لا تقبل
أن يكشف عليها رجل، إلى أن تفاحل المرض وأُدخلت المستشفى، وأُجريت لها عمليةُ
¥