تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عامره بذكره، ولذلك أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - للصلاة لسبع عند نعومة الصبي وصغر سنه حتى إذا كبر ألف ذلك الشيء واعتاده، كذلك - أيضاً - هذه التربية الايمانية تستلزم التربية على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات وما يكون من الإنسان في معاملته مع الناس: {يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}.

يقول بعض العلماء: هذه الآيات وصايا لقمان منهج في التربية على أكمل شيء، فهو يجمع بين حق الله وحق عباده، بل حتى حظ النفس فقد أمره بما فيه قوام النفس واستقامتها حتى في أخلاقها مع الناس، ولذلك لا تصعر خدك للناس كبرياء وخيلاء ولا تمشي في الأرض مرحاً فالانسان إذا أراد أن يربى ولده يربيه على مكارم الأخلاق فكمال العبد في كمال خلقه كما قال- صلى الله عليه وسلم -: ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً)) يعوده الصدق في الحديث وينهاه عن الكذب يعوده حفظ اللسان وينهاه عن أن يرتع لسانه بأعراض المسلمين بالغيبة والنميمة والسب والشتم واللعن، ولذلك نهى النبي- صلى الله عليه وسلم - المؤمن أن يعد فلوه صغيره ثم لا يفي له، نهاه لأن الابن إذا رأى من والديه التقصير بالكذب في الوعد نشأ كاذباً-والعياذ بالله- فالولد يتأثر بوالديه فإن رأي منهما خيراً سار على ذلك الخير وأحبه وإن رأى منها الشر سار على ذلك الشر وأحبه والتزمه حتى يصعب أن ينفك عنه عند الكبر-نسأل الله السلامة والعافية- فلذلك ينبغي أن يعود على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات كما ذكر العلماء في قوله وعمله وقلبه يقولون في قلبه يغرس الوالد في قلب الابن حب المسلمين فلا يغرس في قلبه الحقد عليهم ولا يغرس في قلبه الحسد ولا يغرس في قلبه البغضاء وإنما يغرس في قلبه حب المؤمنين صغاراً وكباراً، حب المسلمين خاصة صالحيهم وعلمائهم ودعاتهم ينشئه على حبهم ولو أخذه معه إلى مجالس الذكر حتى ينشأ على حب العلماء والاتصال بهم والارتياح لهم كل ذلك من الأمور المطلوبه من الوالد حتى يقيم قلب الصبي على طاعة الله.

كذلك ينشأه في لسانه على ما ذكرناه في صدق القول وحفظه عن أعراض المسلمين فإذا جاء يتكلم الابن يعرف أين يضع لسانه وإذا جاء يتحدث يعرف ما الذي يقول وما الذي يتكلم به وهذا يستلزم جانبين ذكرهما العلماء:

الجانب الأول: الأدب الإسلامي، مِن توقي المحرمات في الألسن وتعويده على أصلح ما يكون في طاعة الله من ذكر الله-عز وجل- كالتسبيح والاستغفار ونحو ذلك من الأذكار ويحبب إلى قلبه تلاوة القرآن هذا بالنسبة للجانب الديني.

الجانب الثاني: الجانب الدنيوي يعوده على الحياء والخجل فلا يكون صفيق الوجه سليط اللسان ويقولون جريء والدك على الكلام هذا لا ينبغي إنما ينبغي أن يعود الحياء أولاً ثم إذا كان جريئاً يكون جرئته منضبطه بالحياء كان- صلى الله عليه وسلم - أشد الناس حياء من العذراء في خدرها ويقولون الولد ما يصبح رجل إلا إذا كان جريئاً فتجده يترك الولد يتكلم أمام من هو أكبر منه سناً وتجد الولد يتكلم حتى بقبائح الأمور فيتبسم الوالد ويقول هكذا الابن وإلا فلا، لا والله لا ينشأ الابن على السوء فيكون كاملاً مهما كان ولو كانت الناس تظن أن هذا كمال فإنه نقص، ولذلك لما جاء حويصه يتكلم قال له النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((كبر كبر)) فعلمه الأدب وهو كبير فقال له كبر كبر فإذا جلس بين الكبار لا يتكلم؛ وإنما يكف لسانه ويجلس حيياً مستحياً بالحياء الذي يتجمل به أمام عباد الله-عز وجل- أما أن يعود الجرأة على الكلام والجرأة على الحديث فهذا مما لا تحمد عقباه، فإذا تعود الجرأة من صغره ألفها في كبره؛ لكن يعود الحياء يعود السكوت والإنصات لكبار السن ولا يتكلم بحضرتهم إلا بقدر فإذا كبر وعقل الأمور تكلم عند موجب الكلام وصدر عن انضباط وحفظ لسانه؛ لأنه أعتاد ذلك وألفه وربى عليه. هذه بالنسبة للأمور الدنيوية أنه يعود على أجمل ما يكون عليه من الكلام الطيب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير