تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الشيخ محمد المختار الشنقيطي - حفظه الله - يقول: أبرأ إلى الله من هذا الرجل]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[22 - 02 - 08, 09:00 م]ـ

فضيلة الشيخ: أجلس في مقدمة مجلسكم هذه من بعد صلاة العصر حتى يحصل على مكان في المقدمة حتى أُذن المغرب، فيذهب ليصلي في الصفوف الأولى بالمسجد، وترك أغراضه مكانه ثم بعد الصلاة يعود لمكانه، فلم يجده ووجد بعض الإخوة الذين صلوا في الصفوف الخلفية، بل ربما تعمدوا ذلك وصلوا في محل المجلس، وتركوا الصفوف الأولى، وتسببوا في ترك فجوة بين الصفوف الأولى وصفوفهم، وعندما يطالب صاحب المكان بعض الإخوة بمكانه، فيرد عليه أحدهم: أن الشيخ قال إنه يمنع الحجر في مجلسه، والسؤال: هل هذا حقا حجز أو أنه مكانه وهو أولى به، وأيهما أحق بالمكان. وجزاكم الله خيرا؟

الجواب:

أما بالنسبة لترك الصفوف الأُوَل والصلاة في موضع الدرس فهذا لا يجوز، وقد نبّهت أكثر من مرة على أنه أمر محرّم شرعا، ترك الصفوف الأُوَل والتأخر في أواخر المسجد ولو كان مائة درس، ولو كان من كان من أهل العلم، لا يجوز هذا، وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ((ألا تصفون كما تصفّ الملائكة عند ربها، قالوا: يا رسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يتمون الصف الأول فالأول)). فالتأخر في الصفوف الأخيرة وقطع صفوف المسجد وبخاصة في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فالإثم عظيم، وقد نبّهت أكثر من مرة، ولذلك أقول: أبرأ إلى الله ممن يترك الصفوف الأُوَل ويصلي في موضع الدرس وعنده صفوف ويترك الفراغ في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

وأتعجب كيف يحرص هذا على علم لا يعمل به، وكيف يقال له: إن السنة أن يقوم من مقامه وأن يتم الصفوف الأُوَل، ومن هو الشيخ وغيره أمام قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي يأمر بإتمام الصفوف، هذا لا يجوز، ولا ينبغي لطالب علم أن يعوّد نفسه على أن يتمرّد على السنة وهو يطلب العلم، فكيف يكون عند الإنسان التجرد للحق واتباع السنة وهو لا يستطيع أن يترك ما يهواه، تصلي في الصفوف حيث أمرك الله أن تصلي، وتحرص على الصفوف الأُوَل وأنت تعلم أنك ترضي الله عز وجل، ولو جئت في آخر الناس في حِلَق العلم، فالله يكتب لك أجر من حضر في أقرب الناس إلى المجلس، ثم إن القرب الحمد لله تيسّر الآن بوجود الأجهزة وسماع الدرس من القاصي والداني، وهذه نعمة من الله عز وجل.

أما مسألة الحجز؛ فالأصل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: ((من قام من مقعده ومن مجلسه -كما في الرواية الصحيحة- لحاجته ثم عاد إليه فهو أحق به)) فللعلماء وجهان:

منهم من قال: لحاجته أي حاجة الإنسان، وهو أن يقوم لقضاء الحاجة، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كما في الحديث الصحيح: ((إذا قعد أحدكم لحاجته)) يعني من بول وغائط، وعليه فإذا خرج لأمر مثل هذا كأن يخرج للوضوء أو ينتقض وضوؤه فيضع في مكان سواء في الدرس أو غيره يضع كتابا أو يضع غترته أو شماغه فهو أحق بمجلسه إذا عاد إليه، وجهاً واحدا عند العلماء –رحمهم الله-.

أما القول الثاني فهو التعميم، ويقولون: إن كل من جلس في مكان ثم قام ولو لشيء غير ضروري ثم عاد إليه وهو ينوي العودة إليه ووضع شيئا ليحجزه فهو أحق به، وهذا فيه إشكال، لكن الذي أراه أنه لا يحجز في المساجد إلا لأمر ضروري، وإذا لم يستوِ الناس في المساجد فلست أدري أين يستوي الناس، وهذه بيوت الله، وهذه أماكن للعبادة، فلا يجوز قطعها عن العبادة، وحرمان الغير أن يتعبّد فيها، وأن يأتي وبخاصة في الصفوف الأول، بعضهم يأتي ويجعل سجادته ثم يذهب يتغدى ويصيب طعامه في بيته ثم يرجع يضارب الناس على سجادته، هذا لا أظن أن له حقاً، وأي حق له، فهو إذا خرج من المسجد هو وغيره على حد سواء، وليس له مزيّة على أحد، ولو فتح هذا الباب ما على كل أحد إلا أن يضع ما شاء، ثم يقتتل الناس داخل المساجد، وعليه فإن فهم السنة على هذا المعنى العام الشمولي فيه إشكال. والذي يظهر أنه يقوم لحاجة يحتاج إليها أو لأمر ضروري ونحو ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير