تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مكانة قيادية عالية في كل البلدان العربية .. كان يتمتع بالاحترام الاجتماعي - وهو الشرط الأساسي للتقليد اللغوي - ولكن المثقف المصري حطم هذه النبوءة لاختلال مكانته وريادته .. فأين النموذج الجديد الذي يمكن أن يشيع ويصبح اللغة المشتركة بين العرب؟

لقد ظهر عامل حاسم جديد هول لغة الإعلام أو الإعلام المنطوق وهنا تكمن خطورة هذا المؤتمر .. الإعلام المنطوق إذا سارت الأمور كما هي الآن فيمكن أن تسود لغته لأن له قوة جذب خاصة .. في كل مراحل تكوين اللغة المشتركة كان هناك نموذج، في العصر الجاهلي كان هناك الشعر، ومع الإسلام جاء القرآن، أما اليوم فلغة الإعلام المنطوق هي اللغة النموذج. وهنا يأتي دَور المتخصصين الذين يقومون بالتخطيط اللغوي، المخطط اللغوي لا يخضع للواقع لكنه يُغَيِّرُه ويعدل مساره طبقًا لأساسين هما:

(1) ما تريده الأمة.

(2) القواعد اللُّغَِوِيَّة.

أسلافنا لما حددوا اللغة المُرادة في لغة القرآن الكريم أنشئوا قواعد النحو والصرف ووضعوا المعاجم.

إن ما تقومون به من تقعيد للغة الإعلام هو أمر مهم جدًّا، لابد أن يكتب نحو وصرف ومعاجم لهذه اللغة، ثم بعد ذلك نقوم بعملية التخطيط اللغوي.

إن كل نوعية لغوية موجودة في المجتمع ترتبط بعوامل اجتماعية فإذا أردت أن تقضي على نوعية معينة فلتقضٍ على هذه العوامل، فمثلاً اللغة العامية هي بِنت الأمية والفصحى بنت المدرسة، فإذا أردت أن تقضي على العامية فلتقضِ على الأُمية، والفصحى الآن في انحسار شديد نتيجة لانحسار دور المدرسة.

وبعد ذلك تحدث الأستاذ فاروق شوشة عن تجرِبَتِهِ اللُّغَِوِيَّة الإعلامية فقال: "بَدَأَتْ عَلاقتي مع اللغة في سِن الخامسة عندما ألحقت بكتاب القَرية لحفظ القرآن الكريم، وهناك كانت مدرستي الأولى في اللغة من حيث التعامل مع الكلمة القرآنية والفاصلة القرآنية والمنهاج الصوتي للأداء القرآني، وفي سن التاسعة اكتشفت الشِّعْر في مكتبة أبي، وأحسست أن خبرتي الأولى مع الكلمة القرآنية سهلت لي الولوج الميسر الطَّيِّع للغة الشِّعْر، وفي دار العلوم واجهتُ لأول مرة معركة مثيرة لا أظنها تكررت فيها حتى اليوم اكتشفت أن العلاقة مع اللغة ليس لها طريق واحد، كانت هناك مدرستان مصطرعتان، مدرسة نَحْوِيَّة سَلفية على رأسها علي النجدي ناصف وعباس حَسَن، ومدرسة لُغَوِيَّة مجددة على رأسها إبراهيم أنيس وجَنَاحَاه تَمَّام حسان وعبد الرحمن أيوب، ثم انضم إليهم كَمال بِشْر .. بدأنا – نحن الطلاب آنذاك – نُدرك أن الكلمة لها دَور في اللغة، وأن اللغة مبنى ومعنى، وأن النحو ليس كل شيء وإنما بِنية السِّيَاق ودلالة التعبير هي الأساس .. بدأنا نفيق مما عَلَقَ بأذهاننا من أنَّ غَاية تعلم العربية هي الإعراب.

قدمت في الإذاعة بعد التخرج، وبعد تِسْع سنوات في الإذاعة أدركتُ أنَّ كل ما فات في تكويني وصِلتي باللغة قد آن أوان الإفادة منه من خلال بَرْنَامَج عن اللغة العربية ليس من منظور تعليمي ولكن من منظور حضاري رغبة في تنمية الشعور باللغة وتذوقها فجاء برنامج "لُغَتُنَا الجميلة".

وعَقَّبَ أد. تمام حسان بعد ذلك فأشار إلى أهمية هذه الجلسة وثرائها، وبَيَّنَ أنَّ اللغة العربية لا ينبغي أن تؤخذ بتزمت وصرامة، فإن العربية تتسع لبعض الترخصات التي قد تبدو خَرْقًا لبعض القواعد التي صاغها النحاة ولكنها في النهاية تحافظ على المعنى بفضل تضافر القرائن اللفظية والمعنوية الدالة عليه.

وفي الختام قام أد. محمد حماسة - وكيل الكلية - بالنيابة عن العميد بتكريم الأساتذة الأعلام أد. كمال بشر، و أد. السعيد بدوي، والأستاذ فاروق شوشة وتسليمهم دِرع الكلية.

*

وقائع الجلسة السادسة: "البِنْيَة اللُّغَِوِيَّة للخطاب الإعلامي"

رَأَسَ الجلسة أد. محمد فتوح أحمد أستاذ الأدب بكلية دار العلوم.

وتحدثت أولاً د. فاطمة راشد الراجحي - من الكويت - عارضة ورقة بحث بعنوان "لغة الإعلانات الصحافية"

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير