تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً (8) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً (9) ? [سورة مريم].

بينما ورد التعبير: (عقيم)، وهو اشتقاق من التعبير الثاني: (العقم)، في أربعة مواضع بالقرآن الكريم، واحد منها في سياق قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وهو قوله تعالى: ?فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) ? [سورة الذاريات].

والثلاثة مواضع الأخرى في قوله تعالى: ? لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (50) ? [سورة الشورى].

وقوله تعالى: ? وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55) ? [سورة الحج].

وقوله تعالى: ? وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) ? [سورة الذاريات].

وقد خلط بعض المفسرين أيضاً، بين مدلول الصفتين، في شروح الآيات، وذهبوا إلى أن (عاقر) تعني (عقيم).

ففي سورة آل عمران (40) قال القرطبي: أي: عقيم لا تلد [3].

وقال الألوسي: والعاقر ـ العقيم ـ التي لا تلد، من العقر وهو القطع، لأنها ذات عقر من الأولاد [7].

وكذلك في سورة مريم (5، 8).

قال القرطبي: إن امرأته كانت عقيماً لا تلد [3].

وفي سورة الذاريات (29) قال الألوسي وأبو السعود: أي: أنا عجوز عاقر فكيف ألد [8 ـ 7].

وقد انعكس هذا الاضطراب في فهم الفرق بين مدلول الصفتين (عاقر) و (عقيم) على ترجمة معاني القرآن الكريم لعبد الله يوسف علي [9]، حيث تم استخدام التعبير الإنجليزي ( barren)، وهو يعني: قاحل (صفة الأرض) [17 ـ 19]، أو غير مثمر (صفة الثبات)، أو عاقر [17]، أو عقيم [17 ـ 19]، وذلك للتعبير عن (عاقر) في سورتي آل عمران (40)، ومريم (5، 8)، وكذلك للتعبير عن (عقيم) في سورتي الذاريات (29) والشورى (50)، بينما في قوله تعالى: ?عذاب يوم عقيم ?الحج (55)، وردت الترجمة كالآتي: ( the penalty of a day of disaster) وكلمة ( disaster) تعني كارثة أو نكبة [17]، وعليه فالترجمة تعني عذاب يوم الكارثة أو النكبة.

وفي قوله تعالى: ?الريح العقيم ?الذاريات (41). قيل: ( the devastating wind)، وكلمة ( devastate) تعني يدمر أو يخرب [17]، وعليه فالتعبير يعني: الريح المدمرة أو المخربة.

من المعلوم طبياً وجود مصطلحان في اللغة الإنجليزية هما ( Infertility) و ( sterility)، يشتركان في المعنى، وهو عدم القدرة على التناسل، إلا أنه أصبح لكل منهما لاحقاً دلالة مختلفة في مجال الطب، فالمصطلح الأول يعني حالة نسبية وقابلة للعلاج، بينما المصطلح الثاني يعني مطلق عدم القدرة على التناسل، أي: أنها حالة غير عكوس [21 ـ 25].

إن إدراك الفروق الدقيقة في دلالة الألفاظ في اللغة العربية ذو أهمية حيوية في هذا المجال، فبدونه لا يمكن اختيار اللفظ العربي الصحيح والمقابل للمصطلحات الطبية الإنجليزية، ولذلك يجد المرء اضطراباً في تعريب المصطلحين، مما يدل على عدم الوضوح في الفهم، حيث جعلت ( sterility) بمعنى عقم [17 ـ 19] أو عقامة [18] و ( sterile) بمعنى عقيم [17 ـ 19] أو عاقر [18]، أما ( Infertility) فبمعنى عقر [19] أو عقم [18، 19] أو عدم الإخصاب [17]، ( Infertile) عقيم أو عاقر [18 ـ 19] أو غير مخصب (صفة للبيضة) [17].

ويبقى (العقم) هو التعبير الشائع عن كل من التعبيرين في معظم الأحيان بين العامة والمتخصصين الذين قاموا بإنشاء الكثير من المراكز الطبية الحديثة في العالم العربي، والتي أطلق عليها مراكز العقم [26 ـ 31].

يذهب الباحث إلى أن التعبيرين (العقم) و (العقر) يشتركان في الدلالة على عدم القدرة على الإنجاب، فلا تحمل المرأة ولا يولد للرجل، وأن لـ (العقر) مدى من الأقل إلى أشد، وأنه قابل للعلاج.

أما مطلق (العقر)، وهو (العقم)، فهو غير قابل للعلاج ولا يبرأ منه، فلا يولد للمصاب به أي طفل، فـ (العقم) هو من (العقر) وهو أشده ومنتهاه وأي منهما من الممكن حدوثه قبل أن يولد للمرء أي طفل، أو بعد أن يولد للمرء وهذه الدلالات ثابتة منذ أمد طويل، كما تدل عليه اللغة والآيات الكريمة، وبقبول ذلك يمكن إعادة تدبر الآيات الكريمة بالنظر في حكمة ورود أي تعبير منهما في السياق، كما أنه يمكن مراجعة التعريف الطبي للمصطلحات الإنجليزية، وهي تعاريف مستحدثة.

وعليه: يذهب الباحث إلى أن ( sterility) تعني (عقم) و ( sterile) تعني (عقيم)، ثم إن كلمة ( Infertility) تعني (عقر) و ( Infertile) تعني (عاقر).

وعليه: فإنه لا يجوز للأطباء ادعاء علاج (العقم)، بل إن كان ما يعالج هو (العقر).

والأدلة على صحة هذا الرأي هي:

عدم القدرة على الإنجاب إما أن تكون نسبية (العقر) أو مطلقة (العقم):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير