(قارن "بَشَرَة" "بأديم" وهو الجلد، يقال: أديم الأرض وجهها، و"بالأَدَمَة" وهي باطن الجلد الذي يلي اللحم، والبشرةُ ظاهرها الخ. ومنه اشتق اسم "آدم" في الساميات، و"بني آدم" هم "البشر" وفي العبرية: ??????: /بِن آدام/ "ابن آدم"، والقائمة تطول. فللجذرين /بشر/ و/أدم/ علاقة عضوية، وليست اشتقاقية، في الدلالة على الشيء ذاته: الإنسان)!
الجذر /ل ح م/:
السامية الأم = الأكادية = الأوغاريتية = العبرية = الآرامية = العربية:
لَحْمُم "طعام" = لِيم (م) "ذوق" [بحذف الحاء] = لحَم "خبز، طعام"= ???: /لِحِم/ "خبز، طعام" و ????: /لِحُوم/ "لَحم"! = ????: لَحْما "خبز، طعام" = لَحم "اللحم".
الواضح من الاستقراء الأولي لهذا الجذر أنه يعني "الطعام بمفهوم: مادة الغذاء الرئيسية"، وكان هذا "الطعام" عند الساميين الأوائل "اللحم" لأنهم كانوا بدواً، والبدوي يصطاد ويشوي ويأكل كما هو معلوم، ولا يزرع القمح أو يعالجه خبزاً لأن في ذلك امتهاناً له كما هو معلوم أيضاً ... وتحول مفهوم هذه الكلمة الدلالي نتيجة لتطور حياة الساميين الاجتماعية، فدل عند قوم على "اللحم"، وعند قوم على "الخبز". و"الطعام الأساسي" في العربية اليوم يختلف باختلاف التقاليد العربية المحلية، فهو عند المصريين "الخبز أو العِيش"، وهو عند المغاربة "الطعام أو الكُسكُس" المصنوع من دقيق القمح الخ.
ويؤدي الإمعان في الاستقراء والتحليل إلى الجزم بأن معنى هذا الجذر السامي الأصلي هو "اللحم" وليس "الخبز". راجع معاني "التحمَ" و"لُحمة" و"ملحمة" في العربية! وفي التوراة (سفر القضاة، 8:5): ??? "معركة"، ومنها أيضاً في العبرية: ????? "ملحمة" بمعنى "معركة"، ومنها أيضاً في العبرية ??? "عاركَ، حاربَ، التحمَ"! والمعركة، عند الأقدمين، كانت بطعن "لحم" المقاتلين "الملتحمين" بالسيف والرمح وما إليهما من آلة الحرب القديمة!
الخلاصة:
إن نسبة التجانس بين الألفاظ السامية قد تكون مطلقة أي باللفظ والمعنى مثل فعل "كتب"، فهو في كل الساميات من الجذر /ك ت ب/ ويعني فيها "الكتابة"، أو بالتضاد مثل "وثب" ويعني "جلس" في معظم الساميات ومثل "أبى" ومعناه "وافق، قَبِلَ" في معظم الساميات الخ. وهنالك، وهذا مهم، ألفاظ تطورت بتطور الشعوب السامية الاجتماعي مثل /لحم/. فالآراميون والعبران تحضروا قبل عرب الشمال (تحضر عرب الجنوب قبل عرب الشمال بقرون كثيرة)، وانتقلوا من حياة البداوة والصيد إلى حياة الاستقرار والفلاحة، فتطور مفهوم /لحم/ الذي كان يدل عندهم على المادة الغذائية الرئيسية من /لحم/ إلى /خبز/.
وأخيراً: الفرق في المعنى بين /بشر/ و/لحم/ مثل الفرق في المعنى بين الكلمتين الإنكليزيتين: flesh و meat. وهذا من عجيب الاتفاق في التطور السيميائي وليس الاشتقاقي.
مراجع ذات صلة:
Brockelmann C., Lexicon Syriacum. Halle, 1928.
( قاموس سرياني لاتيني يذكرالجذور السامية المشتركة، وهو أهم المعاجم السريانية)
Koehler L. & Baumgartner W., Lexicon in Veteris Testamenti Libros. Leiden, 1953.
( قاموس عبري/توراتي إنكليزي-ألماني يذكر الجذور السامية المشتركة وهو أحدث المعاجم لعبرية التوراة)
Gesenius W., Hebrew and English Lexicon of the Old Testament ... Translated by E. Robinson.
Ed. by F. Brown ... Oxford, 1929.
( قاموس عبري/توراتي إنكليزي يذكر الجذور السامية المشتركة وهو من أهم معاجم عبرية التوراة)
كتاب الأصول لمروان بن جناح. الكتاب مطبوع بالعنوان التالي:
The Book of Hebrew Roots by Abu’L-Walid Marwan Ibn Janah, Called Rabbi Jonah. Published by Adolf Neubauer. Oxford, 1875. Amsterdam, 1968. حيث يفسر مروان بن جناح القرطبي (القرن العاشر) الآية التوراتية: ????? ?? ???: و"يبرك كل بِسِرْ" (= ويبارك جميع البشر/الخلق) بما يلي: (كتاب الأصول، ص 116):
"????? ?? ???: جميع البشر أي جميع الخلق، أعني الناس منها. ??? ????? ??? ???: من جميع الخلق [غير الناس]. ??? ??? [أني بِسِر أي "أنا بشر"!]. ?? ???? ???? ???? أيضاً يريد إنساناً ... كما يقال له أيضاً ??? [آدام "آدم"!]، لأن البشر يقع في لغة العرب أيضاً على الواحد وعلى الجميع وعلى الذكر وعلى الأنثى ... "
¥