تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[قمقم العجائب! (الخروج الى د نيا الابداع)]

ـ[بوحمد]ــــــــ[09 - 05 - 2003, 09:58 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه مقالة للملاح حول الإبداع وجدتها في موقع الساخر (وجزى الله أخي سامح كل الخير) وأعجبتني كثيراً وأحببت أن تطلعوا عليها وهي بعنوان:

قمقم العجائب! (الخروج إلى د نيا الإبداع)

يعاني كثير من الكتاب والشعراء من حبسة الإبداع وتقييد الأخيلة، بينما يحسونها في أنفسهم ناصعة مشرقة تتوثب لتعانق الوجود وتكون ابنة النور وإذا بهم لا يقدرون على إبرازها وتجليتها كما هي في النفس، فيعودون منكسرين على أنفسهم معاتبين ساخطين لا يثبتون على قرار ولا يركنون إلى مرفأ، قد كرهوا الأشياء فجازتهم صدوداً بصدود.وهذه قضية نفسٍ حيثما ضربت الطائرات ورست السفن وسارت السيارات وليست مخصوصة بكاتب أو شاعر بعينه أو بجنسٍ معين ولو كان الأمر كذلك، لكُنّا نحن العرب من أبلد الناس، لأننا نقيم حفلاً صاخباً في نفوسنا نوضح فيه كلَّ خاطرة جريئة ونبين كلَّ كلمة قاسية حتى إذا نطقنا تقمصنا شخصيات أخر، شخصيات رخامية باردة لا تعرف العواطف ولا تلمح الفكر ولا تتصل بالعقل لا من قريب ولا من بعيد، مطيعة لينة خانعة قد استسلمت ليد جزارها .. ولكي نتفهم هذه القضية يجب علينا أول الأمر أن نتعرف على أنفسنا حتى نستطيع أن نُرمّم خللها ونجبر كسرها ونعيد صياغتها، ومعرفة النفس هي أول طريق السلامة، وبداية سلم العبقرية، قد تكون مهمة صعبة أو شبه مستحيلة في باكورتها، ولكنها سهلة جداً بعد ذلك، بل تنقلب المشقة إلى يسر بل إلى لذة غامرة تألفها الأعضاء ويعلقها القلب.ومعرفة النفس يوقفك على حدود هذا العالم الصاخب تنظر فيه وتبصر دون أن تتلبس بالنقائص مما يرهف الحس تجاه نبضات الحياة وأنت إذا تصفحت حياة المبدعين في مختلف الفنون وجدتهم أول أمرهم أغماراً لا يُعبأ بهم ولا ينظر إليهم، تتقحمهم العيون، وتزدريهم الأنفس، وتشمت بهم الألسن ويكون حالهم كحال القطعة المعدنية يتناولها الناس وتفركها الأصابع ولهم منها النفع وليس لها منهم إلا القذر والطمس، فإذا حركتهم الموهبة ولامست أقدارهم أنفسهم وبدأوا يتعرفون عليها بصدق وعزم أصبحوا بعد ذلك رواد الحضارة وصناع التاريخ، تدور الأحداث حولهم كبؤرة العاطفة وهي ساكنة هادئة، وإن أردت مثالاً حياً فاقرأ حياة الصحابة تعلم مدى معرفتهم بأنفسهم وبالتالي مدى تأثيرهم في التاريخ، وإذا التفت جهة الغرب وجدت الأمر كذلك، ولك أن تقرأ سيرة دستو فسكي لتعرف كيف يسطع نجمه وتعلو هامته، لن تجد هذا العلو وتلك الشهرة إلا عندما تعرف على نفسه بصدق ولهف وبدأ يشرحها جزءاً جزءاً حتى توصل إلى صورة كاملة تنطبق على البشرية كلها على حد قول " هيجو ": " عندما أتحدث عن أبوتي فأنا أتحدث عن الآباء كلهم " ولذلك تجد أثر هذه التجربة الفريدة مع النفس واضحاً في روايته (الجريمة والعقاب) والتي صور فيها النفس الآثمة تصويراً يأخذ بالألباب ويسحر القلوب ويقف بالعقول عند بحر التساؤلات العميق .. ولذلك يجب على كل كاتب أو شاعر أن ينظر في نفسه نظرة صادقة، صاحب نفسك ساعة من نهار واعلم بأن هذه الساعة ستكون كنزك الدفين وسرَّ قوتك وإبداعك، إن معرفتك بنفسك والوقوف أمامها حبيباً وطبيباً وحكيماً وقصاباً يطلق إمكاناتك ويعرفك بالذرة الكامنة التي يكون في انفجارها نبوغك وعبقريتك، إياك أن تسلط فكرك الجاف على نفسك الرهيفة وأحاديثها ومناجاتها دون التسرب في أعماقها والسباحة في نهرها، فإذا استوت تجربتك وبدأت ترى النور من سنة قلمك فاعمل فيها فكرك على أن يكون مسلطاً على الصورة كاملة دون النظر إلى الأجزاء .. كما أن التعرف على النفس والعيش في صحفها يقود المرء إلى التواضع الحقيقي، والتواضع هو أول فهم أسرار الكون، يقول نيوتن وهو من هو في فهم الأرض: (لستُ إلا جامع أصداف على شاطئ بحر الحياة) .. ومما يعين على فهم هذه النفس أن تنفرد بها في وحدة تامة ليس بينك وبينها حجاب من الشهوات والرغبات والأهواء، وما أجمل الوحدة لمن يعرف كيف يتعايش معها! يقول الشاعر الإسباني لوب دي فيجا:إلى وحدتي أنا ذاهب .. ومن وحدتي أنا قائم .. ذلك أنه يكفيني في غدوي وروحي .. أن أصحب أفكاري وحدها .. عبقريتك في قمقم نفسكك فتعرف على هذا القمقم حتى تفجر السدادة وينطلق المارد ذو الموهبة منشئاً مبدعاً لا يعترف بحدود الصور والكلمات.قد يبدو الأمر صعباً - كما قلنا - ولكنه ممكن وما كان في دائرة الممكنات فهو أمر موجود بوجه من الوجوه، وعندها سينطبق على من يتعرف على نفسه قول " بول سيزان ": (بتفاحة سوف أدهش باريس). وليس العجب في التفاحة المرسومة ولكن العجب في النفس التي تتصورها وتعيش معها فتحرك الأصابع لصنع المعجزة.


لاجديد إلا ما نسي

منقول: من موقع الساخر ومن أراد متابعة الردود عليه بهذا الرابط:
http://www.alsakher.com/vb2/showthread.php?threadid=62898

بوحمد

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير