[طريق الضياع]
ـ[عيسى جرابا]ــــــــ[02 - 02 - 2004, 10:46 م]ـ
طريقُ الضياع
شعر/عيسى جرابا
ثُورِي كَما شِئْتِ يا بغدادُ واحْترقِي=
لَمْ يَبْقَ فِي العُرْبِ إِلا حِسُّ مُرْتَزِقِ
ثُورِي ولا تَيْأَسِي إِنْ لَمْ تَرَيْ أَحَداً=
يَمُدُّ نَحْوَكِ كَفَّ الغَوْثِ والغَدَقِ
وجَاهِدِي وانْفُضِي عَنْ وجْهِ أُمَّتِنَا=
مَا شابَهُ مِنْ غُبارِ الضَّيْمِ والفَرَقِ
ثُورِي فمَازالَ يا بغدادُ فِي دمِنَا =
مَشاعرٌ تَرقبُ الأَحْداثَ فِي حَنَقِ
لا ترْكَنِي للقَرَاراتِ الَّتِي كُتِبَتْ=
فِي ذِلَّةٍ وغَدَتْ حِبْراً عَلى وَرَقِ
عَادَ التَّتارُ جُيوشاً غيْرَ عابئةٍ=
إِلا بِسَفْكِ دَمِ الأَعْرافِ والعَلَقِ
هُولاكُهُمْ يَستفِزُّ الكَونَ في صَلَفٍ=
بِحِكْمةٍ مِنْ جُنونِ الطَّيْشِ والنَزَقِ
حَرْبٌ صَلِيبيَّةٌ هَوْجَاءُ رايتُها=
تَحريرُ شَعْبٍ مِنَ الإِيْمانِ والخُلُقِ
عَادَ التَّتارُ فما بَالُ المُظَفَّرِ لَمْ =
يَعُدْ لِيَجْمَعَ فِينا شَمْلَ مُفْتَرِقِ؟
بِنَا تَقاذفَتِ الأَهْواءُ فاحْترقَتْ=
قُلوبُنَا بِلَهِيبِ الشَّكِّ والقَلَقِ
جِراحُنَا فِي يَدِ المَجْهولِ داميةٌ=
ومَا لَها مِنْ طبيبٍ صَادقٍ حَذِقِ
نُساقُ نَحْوَ مَصيْرٍ غامضٍ بَدأَتْ=
خُطاهُ مِنْ نَفَقٍ داجٍ إِلَى نَفَقِ
وحَولَنَا لُجَجُ الأَحْداثِ مائجةٌ=
ونَحنُ مَا بينَها كالطَّائرِ الغَرِقِ
أَنَّى اتَّجَهْنَا ظَلامٌ دامسٌ ورؤَىً=
كَسيحةٌ وعُقولٌ بعْدُ لَمْ تُفِقِ
بغدادُ مَاذا جَرى؟ فالليلُ مُتَّشِحٌ=
ثَوبَ السَّوادِ يُوَارِي سَحْنةَ الأُفُقِ
قرأْتُ فِي وجْهِكِ المَكلومِ مَلحمةً=
صِيغَتْ لَنا مِنْ نَزِيفِ القَلبِ والحَدَقِ
ولاحَ لِي أَمْسُكِ الزَّاهي وقدْ لَمَعَتْ=
بِهِ سُيُوفُ بَنِي العَباسِ كالفَلَقِ
ولاحَ لِي أَلفُ حُرٍّ لوْ رَأَوْكِ لَمَا=
طابتْ لَهُمْ عِيشةُ الإِغْضاءِ والمَلَقِ
فأَنتِ بغدادُ تاريخٌ لهُ أَلَقٌ=
مَازالَ رغْمَ الدُّجَى يَفترُّ فِي أَلَقِ
بغدادُ مَاذا جَرى؟ إِنِّي لَمُحْتَرِقٌ=
ومَنْ رَآكِ وَأَمْسَى غَيْرَ مُحْتَرِقِ؟
قُلوبُنَا مِرْجَلٌ يَغْلِي وأَدْمُعُنَا=
تَجْري وأَعْيُنُنَا مُسْتودَعُ الأَرَقِ
لَمْ تَرضَ مَكَّةُ فامْتدَّتْ عَلى ثِقَةٍ=
أَكُفُّهَا تَترجَّى كَاشفَ الغَسَقِ
وطيبةٌ فِي ذُهولٍ مُذْ رأَتْ صُوراً=
لوجْهِ بغدادَ والأَجْواءُ كالشَّفَقِِ
وذِي الرِّياضُ عَلى أَجْفانِها كُتَلٌ=
مِنَ الأَسَى تَتَلَوَى فِي لَظَى الحُرَقِ
بغدادُ إِنَّا هُنَا شَعْبٌ ومَمْلَكةٌ=
لَمْ نَرضَ بالظُّلمِ مِنْ تَلْفِيقِ مُخْتَلِقِ
بلْ إِنَّنَا أُمَّةٌ هَاجتْ مَشاعرُهَا =
لَمْ تَحْتملْ رُؤْيةَ البَاغِي وَلَمْ تُطِقِ
فلسْتِ وحْدَكِ فِي المَيدانِ فاصْطبِري=
عَلَى اللَّظَى وبِربِّ القَانتِيْنَ ثِقِي
بَوارقُ النَّصْرِ مَازالتْ تَلوحُ لَنَا=
فحَمْحِمِي يا خُيولَ الحَقِّ وانْطَلِقِي
إِنْ لاذَ بالصَّمْتِ قَومِي فالطَّريقُ إِلَى=
بغدادَ فَاتِحَةُ البَاقِي مِنَ الطُّرُق
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[03 - 02 - 2004, 11:56 م]ـ
شكرا أخانا الفاضل على ما تمتعنا به من أدب
يثير الجراح ويستعيد الماضي ويشير لمعالم الطريق
بورك قلمك سيالا في الحق
ـ[حروف]ــــــــ[04 - 02 - 2004, 02:57 م]ـ
أثرت في النفس جراحها ....