تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يَسْخَرُ مَنَ الْجُرْحِ مَنْ لاَ يَعْرِفُ الأَلَم

ـ[حامد الألباني]ــــــــ[27 - 12 - 2003, 07:48 ص]ـ

يَسْخَرُ مِنَ الْجُرُوحِ مَنْ لاَ يَعْرِفُ الأَلَم

الْحَمْدُ لله، وَالصّلاَةُ وَالسّلاَمُ عَلَى رَسُولِ الله.

أَمّا بَعْدُ:

فَمَا مِنْ أَحَدٍ يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ؛ وَمَا وَصَلُوا إلَيْهِ: مِنْ حَيَاةِ الذُّلِّ، وَالْقَهْرِ، وَالاِضْطِهَادِ، وَالاِنْكِسَار؛ حَتَّى أَضْحَتِ الْمُجْتَمَعَاتُ الْمُسْلِمَةُ تَعِيشُ حَالَةً فَوْضَوِيَّةً عَارِمَة، وَنَفْسِيَّةً مُضْطَرِبَةً مُحَطَّمَة.

أَصْبَحُ الْفَرْدُ فِينَا مَهْزُوماً فِي دَاخِلِهِ، يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ، كَالْكُوزِ الْمُجَخِّي؛ لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفاً، وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَراً؛ إلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوًى.

تَكَالَبَتْ عَلَيْنَا كُلُّ هُمُومِ الْحَيَاةِ، وَأَثْقَلَتْ كَوَاهِلَنَا مُتَطَلَّبَاتُهَا، وَمُغْرَيَاتُهَا، وَاحْتِيَاجَتُها: مَا بَيْنَ رَغِيفِ الْخُبْزِ الأَسْوَد، وَلُقْمَةِ الْعَيْشِ الْمَغْمُوسَةِ بِالدُّمُوعِ، وَالْحَسَرَات، وَالْوَيْلاَت.

وَمَا كُلُّ ذَلِكَ؛ إلاَّ لأَنَّنَا اتَّخَذْنَا كِتَابَ اللهِ مَهْجُورَاً، تَرَكْنَا الْحُكْمَ بِكِتَابِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَعَطَّلْنَا حُدُودَ اللهِ فِي الأَرْضِ، وَاسْتَبْدَلْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسُنَّةِ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّة.

ضَلَلْنَا الطَّرِيقَ إلَى الله؛ عِنْدَمَا عَلَّقْنَا الآمَالَ عَلَى أَبْنَاءِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَإخْوَانِ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِين -: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقَاً}؛ نَعَمْ؛ فَوَاللهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُو! مَا ازْدَدْنَا بِاللُّجُوءِ إلَيْهِمْ؛ وَالاسْتِعَاذَةِ بِهِمْ: إلاَّ رَهَقَاً وَمَرَضَاً، وَخَوْفَاً وَجُوعًا، وَفَسَاداً وَضَيَاعاً.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! إنْ أَرَدْتُمْ لِلإسْلاَمِ أَنْ تَنْصُرُوا، وَلِلْعَدُوِّ أَنْ تَكْسِرُوا: فَاللهَ اللهَ! فِي سِيرَةِ مَرَاحِلِ نَبِيِّكُمُ؛ الْجِهَادِيَّة؛ وَالْقِتَالِيَّة، وَالْبُطُولِيَّة!!!

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! مَا قِيمَةُ أَنْ نَتَغَنَّى بِتَارِيخِ أَجْدَادِنَا وَنَحْنُ نَضْرِبُ الصَّفْحَ عَنْهُمْ؟!!!

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! امْرَأَةٌ تَنْكَبُّ عَلَى وَجْهِهَا أَمَامَ الْجَمْعِيّاتِ الْخَيْرِيَّةِ الّتي تَأْتِيهَا الْمُسَاعَداتُ بِالْمَلاَيِين؛ تَصْرُخُ: وَااااااا خُبْزَاه!!! وَااااا طِفْلاَه!!! وَااااااا جُوعَاه، فَلاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَمْسَحَ عَنْهَا دَمْعَها، وَأَنْ تَسْتَأْصِلَ شَأْفَةَ حُزْنِهَا!!!

بَيْنَمَا امْرأَةٌ تَصْرُخُ - كَمَا يُرْوَى -: وَامُعْتَصِماَااااه لأَنَّ كَلْبَاً رُومِيّاً اعْتَدَى عَلَى عِرْضِهَا فَيُجَهِّزُهَا الْمعتصِمُ بِجَيْشٍ جَرّار؛ لِيُبِيدَ الْكُفّار، وَيَدُوسَ الشَّنَار!!!

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! مَا قِيمَةُ أَنْ نَتَغَنَّى بالسَّلَفِ الصّالِحِ وَنَحْنُ لاَ نَسِيرُ وَفْقَ خُطَاهُمْ، وَلاَ نَخْطُوا عَلَى (ثَرَاهُمْ).

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! نَحْنُ لَمْ نَعْبُدْ مُحَمّداً - عَلَيْهِ السّلاَمُ - حِينَ دَانَتْ لَهُ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ، وَلَمْ نَعْبُدْ أَبَا بَكْرً حِينَ يَجُوسُ خِلاَلَ الدِّيَار؛ لَمّا مَنَعُوا الدِّرْهَمَ وَالدِّينَار، وَلاَ عُمَرَ حِينَ فَتَحَ السِّوَار، وَلاَ صَلاَحَ الدِّينِ حِينَ رَفَعَ الْمَنَار.

لَمْ يَعْظُمُوا فِي قُلُوبِنَا إلاَّ لَمَّا عَظُمُ اللهُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَلَمْ يَسْطُرُوا تَارِيخَ الْمَجْدِ إلاَّ حِينَ أَقُامُوا دَوْلَةَ الإسْلاَمِ فِي صُدُورِهِمْ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! أَعْظِمُوا اللهَ فِي نُفُوسِكُمْ، وَلاَ تُعْظِمُوا طَواغِيتَ الأَرْض بِطُوْلٍ أَوْ بِعَرض؛ وَتَمَسَّكُوا بِمَنْهَجِ نَبِيِّكُمْ - قَوْلاً،وَعَمَلاً، وَاعْتِقَادَاً- تُنْصَرُوا.

{وَمَا مُحَمّدٌ إلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئَاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِين}.

يَا مَعَشَرَ الْمُرْتَدِّين! وَيَا شُيوخَ الْمُنَافِقِين!

كُنْتُمُ الْمَاضِي وَنَحْنُ الْحَاضِر، وَسَتَبْقَوُا الْمَاضِي وَسَيَأْتِي الْحَاضِر!!

لاَ تَفْرَحُوا بِمَوْتِ نَبِيِّنَا! فَرَايَةُ التَّوْحِيدِ لَنْ تَسْقُطْ! وَحَدُّ السَّيْفِ لَنْ يَبْرُد!

يَا يَهُوْدُ!!

جَنِّدُوْا كُلَّ الْحَقَارَة ..

بَدِّلُوا لَوْنَ الْحَضَارَة ..

اسْرِقُوا تَنُّوْرَ خُبْزِي ..

وَاحْرِقُوا بِالنّارِ جِلْدِي ..

وَاقْتُلُوا بِالْحِقْدِ (دُرَّة):

لَنْ تَنَالُوا مِنِّي ذَرَّة

أَوْ رَجَاءً بَلْهَ عَبْرَة!

بَلْ (ستبقى) الأَقْصَى (حُرّه)

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمّداً؛ فَإنَّ مُحَمّداً قَدْ مَات، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ؛ فَإنَّ اللهَ حَيٌّ لاَ يَمُوت!!!

رَحَلَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيْتُ فِي خَلَفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَب

وَكَتَبَ

حامدٌ الألبانيُّ الْمَدْخَلِيُّ

- غَفَرَ اللهُ لَهُ -

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير