تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَشِيقُكَ يَحْتَرقْ

ـ[قطرالندى]ــــــــ[28 - 12 - 2007, 09:30 م]ـ

أول مشاركة لي في قسم الابداع وبانتظار انتقاداتكم الهدامة والبناءة معا:)

عَشِيقُكَ يَحْتَرِق

شعورٌ غريبٌ ينتابُكَ في وحدتِك، وكأنّ أحدا ما ينظرُ إليكَ نظرةَ ذي عَلَق، ويقتربُ منكَ حتى تكاد تختلطُ أنفاسُكَ بأنفاسِه الشيطانية، ويهمسُ في أُذنيكَ: ياحبيبي دعكَ من كلّ الأنام، وأنا وأنت وحدنا نعيشُ في وئام.

وقبل أن تنام، تشعرُ بنبضاتٍ غريبةٍ داخلَ جسدك النحيل كأنّكَ إنسان ٌ تسكنُ في قلبٍ لا قلبا يسكنُ داخل إنسان، وتَشْرَعُ أنفاسُك بالعلوّ والتصاعدِ كالعاشق الذي ترددُ في أذنيه اسم من يحبّ، فينطلقُ لسانُكَ بكل كلماتِ الحبِّ والحنان.

حينها يتبادرُ في ذِهْنِكَ هذا السؤال!

من هذا الذي أخاطِب؟ وأنا وحدي في هذا المكان!

ومن هذا الذي أحبّ؟ وأنا الذي تبرّأَ الحبّ منه والحنان!

وعندما توشكُ أن تُغمِضَ عَينَيْك، تقترب منك خيالات ٌ سوداء تحاولُ أن تخترقَ جدارَ جفْنَيْك، فتستيقظُ مذعورا وتتململُ على أحدِ جَنْبَيْك، ويُجافي النومُ عَيْنَيْك.

أما قلبُكَ فهوَ مثْقلٌ بالهموم، وعقلُكَ متّهمٌ بالشرود، وتسمعُ بداخلِكَ صوتا يبكي وينوح، تحاولُ الاقترابَ منه ولكن أنّى لكَ الوصول!

فتقرّرُ أن تتوضأ وتصّلي ركعتين، وتفتح المصحفَ لتبدأَ بتلاوةِ شيءٍ من الذكرِ الحكيم، فيزدادُ غمُّكَ فوق الغم، وقلبُكَ مُشْعَرٌ بالهم، وكلمات ُ الحبّ تحولت إلى سيلٍ من اللعن والشتم، ويزدادُ نبضُ قلبِكَ حتى يكاد يخرجُ من صدرِك، والعَبْرةُ تتزاحمُ في عينك، وتختنِقُ أنفاسُكَ داخلَ جوفِك، وتشعرُ بحقدٍ لمن هم حولك، كأمِّك وأبيك وزوجِك، ونارٌ تحرقُ أحشاءك، تضّطرمُ تقطّعُ أمعاءك، وحرارةٌ تكسو أطرافَك، وثُقْلٌ يعتلي أكتافَك، وعرقٌ يتصبّبُ من ظهرِك، وكائن ما يتوسّدُ جسدك من أعلى رأسِكَ حتى قدمك.

حينها ينحسرُ اللثام، ويعتلي البكاءُ والصياح، ويبدأُ العشيقُ بالصراخ:

كفى .. آلمتني .. أحرقتني .. أوجعتني

أنا من سكنَ في هذا الجسد، وأنا من اختاركِ دونَ غيركِ من البشر، وأنا الذي أبعدتكِ عن كل غدّارٍ أشِر، وجعلتُ في أحشائِك نارا تستعر، من كل امرءٍ بهذا الدين التزم، قلوبهُم سوداء، أعمالهُم نكراء، وجوههم مقنّعة، باللحى المُزيّفة، خبيثةٌ مروّعة، فرفقا بمن أحبّكِ، وأفنى حياتَه من أجلِك.

** إذا أنت من عزلتني عن البشر، وملأتَ قلبي حقدا لكلّ من كان لي سَنَد، فو الله لن أزيدكَ إلا عذابا، ولأشعلنّ جسدك نيرانا، ولأكيلنّك من العذاب ألوانا وأشكالا.

(فأنذرتكم نارا تلظّى، لايصلاها إلا الأشقى، الذي كذّب وتولّى)

(ولو ترى إذ يتوفّى الذين كفروا الملائكة يضربونَ وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق)

(واستفتحوا وخابَ كل جبّارٍ عنيد، من ورائه جهنمّ ويُسقى من ماء صديد، يتجرّعه ولايكاد يسيغه، ويأتيه الموت من كل مكان وماهو بميت ومن ورائه عذابٌ غليظ)

والعشيقُ يتمادى في غيّه، يحاولُ إرعابي بصوتِه، أو إيلامي في مواضعَ شتّى من جسدي، ويلاحقُني الخبيثُ حتى في أحلامي، بكوابيس ومذابِحََ مرعبةً أراها أمامي، كما ألمحُ خيالاته تسيرُ خلفَ ظهري، وروائح كريهةٌ أشتمُّها ممن هم حولي.

فلايزيدني ذلك إلا إصرارا، وأن أذيقَه من العذابِ أصنافا، فاليوم ياحبيبي أنت مدعوٌّ إلى حفلةِ شواء ٍأُقيمُها داخلَ جسدي، لأشعلَ نارا أُحرِقَ بها خَصْمي، فيبردُ حينها كبَِدي.

(قال فاخرج منها فإنّكَ رجيم، وإن عليكَ اللعنة إلى يوم الدين)

(إن شجرة الزقوم، طعام الأثيم، كالمهل يغلي في البطون، كغلي الحميم، خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم، ثم صبّوا فوق رأسِه من عذابِ الجحيم، ذق إنك أنتَ العزيزُ الكريم)

ويصرخُ العشيق مكابرا:

هيهات يا حبيتي لن أتركَ الجسد، لن أتركَ موطني هذا إلى الأبد، سأعيشُ رغما عنكِ رغمَ كلّ تلكُمَ الحِمَم.

حينها أمسكتُ موضعَ الألم، لأدعو الله يا إلهي أحرقَ كلّ من بغى وكل من توسّد الجسَد، اللهم وأحرقَ كل عاشق اعتدى وجعل جسدي له سَكَن، اللهم أهلكهُ بالطّاغية، ولاتجعل له باقية، اللهم أنزل عليه رجزك الأليم، وعذابَك الشديد، وزلزله زلزالاً شديدًا، والعنْهُ لعْناً كبيرا، اللهم وسلط عليه ملائكةً يسومونه سوء العذابِ ليلاً ونهارًا، اللهم أرهقه صَعودا، واجعل النجومَ عليه رجُوما، واقذف في قلبِه الرعبَ وفزّعْهُ تفزيعا، اللهم قتّلْهُ تقتيلا، وحرِّقْهُ تحريقا، اللهم اصعَقْ كلّ عاشقٍ من الجانّ في الجسد، اللهم وأصليه سَقَر، اللهم اجعل جسدي عليه نارا،ولاتجعل له في جسدي مكانا ولاقرارا.

فيخْنَسُ الحقير ويهوي إلى أسفلِ القدم، ويرفُّ أصبعي الصغير ويأبى الخروجَ من الجسد، لأُذيقَه العذاب والحريق، فيموت ويموت معه الألم.

قطر الندى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير