[خواطر نثرية]
ـ[هدى وفرح]ــــــــ[01 - 03 - 2008, 03:05 م]ـ
ألن يعود كما كان .... جواداً أسمر؟
ليته ذهب بعيداً عن عيني ..
لكان أهون لو ذهب من الدنيا كما جاء إليها .. جواداً أسمر ..
من يعيد لي جوادي كما كان ..
جواداً أسمر ..
ها هو ذا هناك .. ألا ترونه؟
دققوا النظر ..
نعم .. هو ذاك الشيء القابع بلا حراك .. هناك .. وسط الصحراء ..
ليس جواداً؟
بل هو جواد .. أو من كان جواداً أسمر ..
ليتكم رأيتموه منذ سنوات ..
كان فتياً .. قوياً .. يبرق جسده الأسمر تحت شمس الصحراء القاسية ..
لا يهن ولا يحزن ..
تهتز الرمال طرباً لوقع أقدامه القوية ..
وتردد الجبال أصداء صهيل ما سمعت الصحراء أجمل منه ..
آه يا جوادي الأسمر ..
آه يا حلمي وفجري ..
آه يا خبيئة ادخرتها لغدي ..
ماذا فعلت بنفسك؟
أم ماذا فعلت بك الثعالب؟
هل تذكر كيف كانت ترتعد هلعاً كلما أقبلت نحوها تعدو تتوعد؟
كانت لأوكارها تفر مذعورة .. تطلق عيونها الخبيثة سهام الحقد والضجر ..
- متى نتخلص من هذا الجواد؟
ألا يتعب من الكر و الفر؟
ألن يدعنا نهنأ بفرائسنا يوماً؟
آه يا جوادي الأسمر .. ماذا فعلوا بك؟
لماذا توقفت واستمعت لهذا الثعلب؟
- سيدي الجواد الأسمر .. ما أجملك ..
وما أجمل جدائلك ..
ما أجمل الغرة على جبينك ..
ولكن لماذا تعفر جدائلك الجميلة بالرمال؟
لا يا سيدي .. عليك أن تهتم بها .. فأنت الأجمل بين كل الخيول ..
ما رأيك لو نصبغها باللون الأبيض كلون الغرة بجبينك؟
آه .. انظر .. ما أجملها الآن!
ومر عام ..
- مازلت جميلاً كما أنت دوماً سيدي الجواد الأسمر ..
ولكن هذا العام ستكون جدائلك أجمل لو صبغناها باللون الأخضر ..
ها .. ما رأيك الآن؟ الأخضر بلا شك أجمل ..
ومر عام ..
- سيدي الجواد المبجل ..
لماذا ترهق قدميك بالكر والفر ليل نهار؟
انعم ببعض الراحة واستمع لهذه الألحان ..
- ما أجمل عزفك أيها الثعلب العجوز!
- شكراً سيدي الجواد الأسمر .. لدينا ما هو أجمل ..
فقط اجلس واسترخ وتمتع ببعض الراحة ..
ومر عام ..
سيدي الجواد الأسمر ..
أسنانك الجميلة لا يناسبها هذا الطعام اليابس ..
لدينا طعام لين يحفظها لك جميلة رقيقة ..
وهذه الحوافر الجميلة .. لماذا ترهقها بالركض؟
ألا ترى كيف يحافظ الجمل على خفيه بالسير على مهل؟
هل تدري ما السر؟
الهدوء والصبر ..
الهدوء سيدي والصبر هما السر ..
فدعك من الكر والفر ..
لا يورث الركض إلا المرض وقصر العمر ..
ومر عام ... وأعوام ..
مضت سنوات يا سادة .. وآه من مرور السنوات ..
وآه من تقلب الذين ظلموا في البلاد ..
- أيها الجواد الكسول الأسمر ..
لون الجدائل هذا العام هو اللون الأصفر ..
- نعم سيدي الثعلب ..
ولكن هل أطمع أن تساعدني .. فأسناني تؤلمني ..
- يالك من جواد خبيث ناكر للجميل ..
نمنحك طعاماً ليناً شهياً لا يحلم مثلك بتناوله .. ومع ذلك تشكو من ألم بأسنانك ..
ماذا نفعل لك أكثر من ذلك؟
لابد من خلع هذه الأسنان الفاسدة ..
- أمرك سيدي الثعلب .. تأمرني بشيء آخر؟
- لا .. يمكنك الآن أن تذهب ..
استمتع بوقتك فالعمر قصير ..
ارقص وامرح كما شئت وأكثر .. وإياك وإعمال العقل ..
فالفكر يا ولدي شؤم ما بعده شؤم ..
وقف الجواد الأسمر وسط حلقة الثعالب الراقصة ..
دق الأرض بقدميه الواهنتين دقات رتيبة ..
وبدأ يتمايل مع أنغام الثعلب العجوز نافضاً عن رأسه ما بقي به من عقل ..
وابتسم الثعلب العجوز ..
ورمق بعينين ناعستين الجواد المتمايل .. ثم نظر بعيداً ..
إلى حيث اعتاد الاختباء أيام الخوف .. إلى الوكر المهجور ..
ما عادت هناك حاجة للوكر ..
وما عادت هناك ضرورة للاختباء ..
بعد أن صار الجواد الأسمر مسخاً أسمر ..
بعد أن صار جلمود الصخر حجراً تفتت فحطه الذل من عل ..
من يشتري هذا المسخ ويعيد لي جوادي الأسمر ..
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[09 - 03 - 2008, 09:10 م]ـ
الأخت هدى وفرح، ربما كانت الكلمات تفتقد للموسقى الخفية داخل النص، لكن الفكرة بحد ذاتها إبداع، ولا سيما تقلب النص وهذا الخطاب اللامنطقي، حيث تتماها ذات الكاتب ..
سررت بمروري على كلماتك، وشدتني الفكرة ..
تحياتي
ـ[هدى وفرح]ــــــــ[28 - 03 - 2008, 06:52 م]ـ
أخي الفاضل رائد عبد اللطيف
جزاك الله كل خير
أنا أكتب بالفطرة وليس لدي خلفية ثقافية في مجال الأدب
ولم أكن أعلم أن بالنص النثري موسيقى خفية
¥