ـ[شجرةالطيب]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 09:04 ص]ـ
صلى عليك الله يا علمَ الهدى= ما جنَّ ليلٌ أو تبسَّمَ نورُ
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
بورك الهم الذي تحمل .. وبورك الهدف النبيل الذي أذكته عاطفة موقدة .. تفتّحت معها أبواب البيان الموصدة ..
لله درك .. ولا فض الله فاك ..
إليك وقفات نقدية أمام هذه الشامخة:
وقفتْ على باب الجمالِ مَطيتّي = ترجو النوالَ، ولا نوالَ يزورُ
وغَفَتْ على قلب المحبِّ عروقُهُ= ثكلى ذوَتْ، والصبرُ فيه نميرُ
والصبرُ لو عقلَ الكلامَ لقالَ لي= ثقلٌ على كَتِف الزمانِ .. صبورُ
وظللتُ أحزمُ للبيانِ أزمَّتي= حتى اعترتني أبحرٌ وطيورُ
أبصرتُ في البحر الجليلِ معابراً= فسلكتُ فيها، واليراع يغورُ
طفقتْ تصفُّق للحروفِ أجندتي= وبدتْ تعانق في السطور .. سطورُ
جميل هذا الوصف الذي جعلنا نعيش مع الشاعر جو النص ... ونشهد حال اقتناصه للمعاني، والحروف عصيانا ومطاوعة ... ونشعر بعظم الهم الذي يؤرق الأديب المسلم .. فشرف المقصد يجعله يعد له عدة إذ يستشعر الجهاد في الذب عن رسول الله ..
وغَفَتْ على قلب المحبِّ عروقُهُ= ثكلى ذوَتْ، والصبرُ فيه نميرُ
جميل هنا وصف ذيالك الحدث الهائل الذي ألجم البيان .. فجعل العروق النابضة بالألم تغفو ..
لكن كأنما رأيت المعنى هنا لا يستقيم بمعنى الاستعلاء في (على) إذ العروق هي قلب المحب نفسه .. ربما لو قيل: فغفت من القلب المحب عروقه .. لكان المعنى أوضح ..
والصبرُ لو عقلَ الكلامَ لقالَ لي= ثقلٌ على كَتِف الزمانِ .. صبورُ
كأنما رأيت القافية هنا مجتلبة .. فلم أفهم وصف (صبور) لمن؟
وظللتُ أحزمُ للبيانِ أزمَّتي= حتى اعترتني أبحرٌ وطيورُ
أرى أن وصف انسياب البيان بـ (اعترتني أبحر وطيور) غير مستقيم معنويا فلا يناسب الفعل اعترتني الأبحر والطيور ..
بينما تلاهما بيتان رائعان موفقان في وصف مطاوعة البيان وتفاعل سُمّار الأديب (اليراع، الأجندة، السطور) وفرحتهم بهذا الحدث:
أبصرتُ في البحر الجليلِ معابراً= فسلكتُ فيها، واليراع يغورُ
طفقتْ تصفُّق للحروفِ أجندتي= وبدتْ تعانق في السطور .. سطورُ
وهنا دخل الشاعر في الغرض الأساس من القصيدة:
إني رسمتُ إلى المسيء قصائداً= تُدعى إناثا .. والحروف ذكورُ
وجدت الشطر الثاني منه يحتاج إلى إعادة نظر .. فقد أراد وصف موافقة المعاني للحروف فكأنها زُفّت إليها .. فالشعراء دائما يعبرون عن المعاني بعرائس الفكر ..
لكن أرى أن التعبير بـ (تدعى إناثا) غير موفق؟ ولم يحقق المعنى المطلوب، فلا بأس أن تجعل الصورة على نحو آخر يدل على توافق الطرفين نحو: ضاءت بفكري والحروف تمور ..
عن سيدِ الأخلاق مالكِ أمرها= يعيى فمٌ في وصفهِ ويحيرُ
الصواب في الفعل يَعيا أن يكتب بهذه الصورة ..
وفي صياغة الفعل اللازم من الحيرة يقال: يحار، ليكون وفق المعنى الذي أردته .. لكن لا يصح هذا مع القافية، أما المتعدي منها فيأتي يُحير لكنه لايصح من ناحية المعنى إذ يحتاج مفعولا به ..
فيمكن أن يقال: يعيا فم في وصفه فيحور ... أي يرجع لعجزه ..
والنملُ إن سبَّ النجومَ تشهُّراً= يبقى صغيراً، والكبيرُ كبيرُ
أتفق هنا مع الفاضل أنس عبدالله في أن التعبير بالنمل غيرموفق، فقد أردت به بث معنى الحقارة والصغر .. لكني أحسبه لا يناسب .. فالنمل عظيم وأشيد بعظمته في القرآن وفي الأثر .. فأرى أن التشبيه هنا معيبا إذ لا يأتي النمل في الذم .. ويمكن أن يتضح المعنى لو قيل والجعل ... فجانب الذم فيه واضحا ... شكلا وهمة وحقارة ..
والتشبيه ينبغي أن تراعى فيه الجوانب المعنوية كالمادية ..
لذا عيب على الشاعر حين قال:
بل لو رأتني أخت جيراننا:: إذ أنا في الدار كأني حمار.
فهو هنا أراد القوة وسلامة البدن ... بينما أغفل جانب الحماقة والغباء في الحمار .. فأصبح التشبيه معيبا ولو قيل الحصان لكان المعنى موفقا ... وكذا هنا النمل فيه الصغر بينما الجعل فيه الحقارة والصغر والقماءة وانعدام الهمة ...
بانتظار جديدكم ..
دمت موفقا مسددا ..
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[26 - 03 - 2008, 10:13 ص]ـ
يا الله!
بارك الله فيك، و لا حرمنا من أناملك ..
رائعة و رب الكعبة.
يا سلام!
عليه الصلاة و السلام
الأخت الفضلة بيثنة، سعدت كثيرا بأن نشرت عبقا من الكلمات هنا ..
فأشكر لك مرورك العطر
وصلى الله على سيدنا محمد.
¥