تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العتيرة: كانت العرب في الجاهلية تذبح ذبيحة في رجب يتقربون بها لأوثانهم. فلما جاء الإسلام بالذبح لله تعالى بطل فعل أهل الجاهلية، وليس لذلك كله أصل في السنة.

وقد اختلف أهل العلم في حكمها: فذهب الأكثرون إلى أن الإسلام أبطلها، مستدلين بقوله كما عند الشيخين عن أبي هريرة (رضي الله عنه): "لا فرع ولا عتيرة" رواه البخاري ومسلم.

(من حديث أخرجه ابوداود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نُبيشة قال:

نادى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب فما تأمرنا. قال: (اذبحوا في أي شهر كان) الحديث.

قال ابن حجر: فلم يبطل رسول الله عليه الصلاة والسلام العتيرة من أصلها وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب.

روي عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنه كان يكره أن يتخذ رجب عيداً" (لطائف المعارف، ص 227)

تخصيص رجب بصيام أو اعتكاف:

وقد كان عمر رضي الله عنه ينهى عن صيام رجب لما فيه من التشبه بالجاهلية كما ورد عن خرشة بن الحر قال: (رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية) [الإرواء:957 وقال الألباني: صحيح.

قال الإمام ابن القيم: (ولم يصم عليه الصلاة والسلام الثلاثة الأشهر سرداً "أي رجب وشعبان ورمضان" كما يفعله بعض الناس ولا صام رجباً قط ولا استحب صيامه.

قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ: "لم يثبت في شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام أيام معينة منه ولا في قيام ليلة معينة فيه حديث صحيح يصلح للحجة", (لطائف المعارف، ص 228.)

وقال ابن القيم: "كل حديث في صيام شهر رجب وصلاة بعض الليالي فهو كذب مفترى",

وقال الشوكاني ـ رحمه الله ـ: "جميع ما ورد فيه من النصوص إما موضوع مكذوب وإما ضعيف شديد الضعف".

وفي فتاوى اللجنة الدائمة: (أما تخصيص أيام من رجب بالصوم فلا نعلم له أصلاً في الشرع).

العمرة في رجب:

يحرص بعض الناس على الاعتمار في رجب، اعتقاداً منهم أن للعمرة فيه مزيد مزية، وهذا لا أصل له، فقد روى البخاري عن ابن عمر (رضي الله عنهما)، قال: "إن رسول الله اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب، قالت (أي عائشة): يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهِدُه، وما اعتمر في رجب قط" صحيح البخاري.

وقد نص العلامة "ابن باز"على أن أفضل زمان تؤدى فيه العمرة: شهر رمضان؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عمرة في رمضان تعدل حجة ثم بعد ذلك: العمرة في ذي القعدة؛ لأن عُمَرَه كلها وقعت في ذي القعدة، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) [الأحزاب: 21 - فتاوى إسلامية.

وقال ابن العطار: "وما يفعله الناس في هذه الأزمان من إخراج زكاة أموالهم في رجب دون غيره من الأزمان لا أصل له، بل حكم الشرع أنه يجب إخراج زكاة الأموال عند حولان حولها بشرطه سواء كان رجباً أو غيره"

لا حوادث عظيمة في رجب:

قال ابن رجب: "وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة، ولم يصح شيء من ذلك، فروي أن النبي ولد في أول ليلة منه، وأنه بعث في السابع والعشرين منه، وقيل في الخامس والعشرين، ولا يصح شيء من ذلك ... " (لطائف المعارف، ص233)

ما حُكم الزيادة في العبادات وغيرها لقولنا أن شهر رجب شهر مُحرم؟

فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

وقد ورد في هذا الشهر صلوات وأذكار لكنها ضعيفة لا تثبت بها حجة، ولا تثبت بها سُنّة وإذا ثبت ذلك فإنه لا يجوز للإنسان أن يقول: هذا شهرٌ محرم سأزيد فيه من صلاتي وسأزيد فيه من ذِكْرِي، وأزيد فيه من صيامي أو ما أشبه ذلك.

لماذا لا يجوز؟

لأن النبي صلى الله عليه على وآله وسلم أدرك هذا الشهر ... أليس كذلك؟

هل زاد فيه على غيره؟ .... لا.

إذا لم يزد فيه على غيره فليس من حقنا أن نقول إنه شهرٌ محرم نزيد فيه على غيره؛ لأننا نحن متّبعون ولسنا مبتدعين ...... )

إذاً علينا أن لا نخص شهر رجب إلا بما خصّه الله به ورسوله، أنّه شهر محرم يتأكّد فيه اجتناب المحرمات، وأنه لا يحل فيه القتال مع الكفار، فإنه شهرٌ محرم، والأشهر الحُرُم لا قتال فيها إلا إذا بدؤونا بالقتال، أو كان ذلك سلسلة قتالية امتدّت إلى الشهر المحرم.

كذلك نحن الآن في النصف الأخير من شهر رجب مقبلون على شهر شعبان .. فهل لشهر شعبان مزيّة على غيره؟

الجواب: نعم، فيه مَزِيّة على غيره في الصيام فقط، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يُكثر من صيامه حتى كان يصومه كلّه إلا قليلاً منه، فإكثار الصيام في شعبان من السُّنّة، أما في رجب فلا ... ))

نسأل الله أن يجعلنا ممن يعظّمون حرماته ويلتزمون بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


ـ[الأحمر]ــــــــ[21 - 08 - 2004, 10:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرًا لك على هذه الفوائد عن شهر رجب ولا حرمك الله أجر كتابتها

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير