[أسلمة المعرفة]
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[19 - 07 - 2004, 11:49 م]ـ
إن تقليد العلم الغربي، أو استيراده، لا ينشئ حضارة، أو يعيد بناءها بعد تفككها ودمارها ..
إن هذا «يصنع» في أفضل حالات نجاحه عالماً ثالثاً يدور في فلك حضارات الغير .. قد يتقدم في سلّم المدنية «المادية» لكنه على المستوى الحضاري لا يملك خرائطه الثابتة المتميزة على سطح الكرة الأرضية.
إن اليابان والصين ـ مثلاً ـ إذ قدرتا على تجاوز المرور عبر هذه القناة الضيّقة، خرجتا من معركة التحدّي وهما أكثر أصالة وتحضّراً .. وهما تملكان في عالمنا المعاصر ثقلهما وحضورهما وتميزهما الملحوظ.
ماذا حدث بالنسبة لتركيا الكمالية سوى أنها أصبحت، حتى في منظور الغربيين أنفسهم، مثلاً يضرب للتندّر على أولئك الذين يحاولون اللحاق بالغير وهم يتعاطون الكيدية منه، ويقلّدونه صباح مساء، متنازلين عن كل ما له مساس بشخصيتهم وأصولهم الحضارية؟
إن أسلمة المعرفة، من خلال هذا التحليل الموجز، تبدو ضرورة بالغة لأنها ستتجاوز بمسلمي اليوم والغد إحدى اثنتين قد تأتيان عليهم كأمة متميزة: الذوبان في الغير، أو العزلة الكلية عن الاستفادة من تقدمه.
هاهنا، وعندما يتاح لهذه الأمة أن تمارس نشاطها المعرفي في دائرة الإيمان، فإنها ستعرف كيف تنتزع النار المقدسة من الآخرين، لا لكي تحرق بها العالم أو تدمر بها نفسها بإغراء القوّة والتكاثر والتكديس، ولكن لكي تبني ذاتها بمفردات المعرفة المنضبطة بمطالب الإيمان. بل إنها قد تمضي لكي تستعيد دورها المنسيّ: إعادة بناء العالم بالمعرفة المتبّصرة بالإيمان، المستمدة من هدي الله سبحانه.
إن النشاط العلمي ينبثق في معظم الأحيان عن رغبة في الكسب، أو طموح شخصي إلى الاكتشاف والتفوّق. فإذا وسّعنا دائرة التحليل صوب الجماعات فإن النشاط العلمي يتخذ غالباً وسيلة للتحقّق بالنمّو الاقتصادي والعمراني والاستراتيجي، وبالقوة المسلحة.
وهذه كلها دوافع قد تكون مبررة، خاصة وأنها قادت ـ بالفعل ـ إلى المضي بالحركة العلمية صوب آفاق لم تخطر ببال إنسان، وتمخضت عن نمو اقتصادي وعمراني مذهل، وعن تفوّق للقوة يكاد يكون من قبيل السحر والخوارق.
لكن ماذا لو أضفنا إلى هذا كلّه، أو قبل هذا كله، الدافع الإيماني، باعتباره الدافع الأكثر إلحاحاً وإلزاماً للنشاط العلمي الذي يجعل من سعي الإنسان في العالم ضرورة أو فريضة يتقرب بها إلى الله؟ ويتحتم على أولئك الذين يملكون قدرة ما في نطاقها أن يواصلوا السعي لمزيد من الاكتشاف، وبالتالي لمزيد من التحقق بالنمّو والقوة اللتين يأمر هذا الدين بالأخذ بأسبابهما كشرط حاسم للتحول بالإيمان من مواقع العزلة والانفصال إلى مراكز الاندماج والتناغم في هذا العالم، من أجل أن تكون كلمته فيه هي الكلمة التي لا رادّ لها.
إن «أسلمة المعرفة» تعني وفق هذا التحليل، منح النشاط العلمي، على مستوييْ الكم والنوع، وقوداً جديداً يدفعه للمزيد من الاشتعال والتألق اللذين يكشفان عن الحقائق .. يضيئان السنن والنواميس .. يشيران إلى مصادر القوة والطاقة المذخورة التي طالما أكد عليها كتاب الله ودعا المسلمين إلى تمزيق الستار الذي يحجبها، وإخراجها للناس كي تمنحهم الخير الوفير.
المنار، العدد 76، ذو القعدة 1424هـ
د. عماد الدين خليل
ـ[أبو سارة]ــــــــ[20 - 07 - 2004, 03:48 ص]ـ
أستاذتنا الفاضلة رعاها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأنا أقرأ نقلك الجميل ورصده العميق للواقع، وكأنه يضرب علىالجروح ليعيد نشاط الألم، تذكرت قول الأفوه الأودي:
البيت لايبتني إلا له عمد ... ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجمع أوتاد وأعمدة ... وساكن بلغوا الأمر الذي كادوا
وإن تجمع أقوام ذوو حسب ... اصطاد أمرهم بالرشد مصطاد
لايصلح الناس فوضى لاسراة لهم ... ولاسراة إذا جهالهم سادوا
تبقى الأمور بأهل الرأي ماصلحت ** فإن تولت فبالأشرار تنقاد
تذكرته وأنا أقول، كلمة كل من الألم والأمل تتكونان من نفس الأحرف واستبدال كل كلمة لتكون مثل الأخرى سهل في الكتابة، ولكن شتان بين الإحساس بالأم والإحساس بالألم!!
لو نظرت إلى الأمور حسب ما نقرأه في صفحة الواقع سأقول: لن تقوم لنا قائمة أبدا إلا إذا دخل الجمل في سم الخياط!
وإذا نظرتها بنظرة شرعية سأقول: لاحول ولاقوة إلا بالله 0
ولك عاطر التحايا