[ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حب الأكوان!]
ـ[ابن عيبان]ــــــــ[17 - 08 - 2004, 07:37 ص]ـ
بقلم: شيخنا العلامة عبدالرحمن بن عبدالخالق
لست أدري لماذا اختارت اللجنة التي أسست بزعم نشر محبة رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن يكون شعارها (أنت حب الأكوان) فإن هذا
الوصف لا يصح أن يوصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ولا الله
سبحانه وتعالى، ولا أحد من أوليائه وعباده الصالحين، فإن الأكوان وهي
ما عدا الله سبحانه وتعالى منها مؤمن وكافر وفيها أماكن رضوان الله
سبحانه وتعالى، وأماكن سخطه وعقابه ولعنته.
فإبليس كون من الأكوان وهو عدو لله ورسوله ملعون مطرود من رحمة
الله، وكذلك كل جنوده وأوليائه من الجن والانس، وهؤلاء جميعاً أعداء
الله سبحانه وتعالى وأعداء أوليائه من الأنبياء والمرسلين، قال تعالى:]
ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون [، وقال تعالى:] هو الذي
خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن [، وقال تعالى:] وكذلك جعلنا لكل نبي
عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً [.
والذين يعادون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمته التي بعث فيها
أضعاف أضعاف من يؤمنون به ويحبونه ويوالونه من المسلمين والمؤمنين،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أنتم في الأمم إلا
كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود). (متفق عليه)
وهذا أمر مشاهد قائم منذ دعا رسول الله إلى الاسلام وإلى يومنا قد
كان الذين عادوه وحاربوه وسبوه أضعاف من آمن به وأحبه ونصره، وكل
هؤلاء الكفار هم من الأكوان. والسموات والأرض والجنة والنار من الأكوان،
فالجنة دار الرضوان، والنار دار الأشقياء أعداء الله وفيها كل ما لعن الله
من الإنس والجن، وألوان العذاب التي هي من لعنة الله فيها شجرة
الزقوم وأدوات العذاب قال تعالى:] إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً
وسعيرا [وقال تعالى:] وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً [وكل
هذه أكوان ليست محبوبة عند الله ولا عند أوليائه .. ولا توصف بأنها تحب
أولياءه؟
وفي الأرض قطع ومواضع هي محل محبة الله ورضوانه ومواضع هي
مواضع سخطه وعقابه، فأحب البقاع إلى الله مساجدها، وشر البقاع
إلى الله أسواقها.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبل أُحد (هذا جبل يحبنا
ونحبه) وقال عن ديار ثمود (لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا
باكين أو متباكين لا يصيبكم ما أصابهم) وكان إذا مر رسول الله بوادي
مُحَسِّر أسرع فيه مع أنه جزء من أرض المسجد الحرام ... ولكنه مكان
عقوبه فكان الواجب الفرار منه ..
حب الأكوان والحقيقة المحمدية في الفكر الصوفي:
وهذا الشعار (أنت حب الأكوان) منقول من المعتقد الصوفي فيما سمي
(بالحقيقة المحمدية) وهو الزعم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو
أول موجود في الوجود، وأن وجوده قد كان قبل خلق السموات والأرض
واللوح والقلم، والعرش والملائكة، وأن من وجود الرسول ومن نوره خلق
الله جميع الأكوان بعد ذلك العرش والكرسي، والملائكة والسموات
والأرض والانس والجن والجنة والنار ..... الخ.
فالأكوان جميعاً وهي كل ما عدا الله موجودة من نور الرسول. والرسول
سابق في الوجود على كل هذه الأكوان ... والذي صاغ هذه العقيدة
على هذا النحو هو ابن عربي الزنديق حيث يقول في فتوحاته المكية
(بدء الخلق الهباء وأول موجود فيه الحقيقة المحمدية الرحمانية
الموصوفة بالاستواء على العرش الرحماني وهو العرش الإلهي
(الفتوحات 1/ 152).
وقال الكاشاني شارح فصوص الحكم لابن عربي (إن محمداً أول التعينات
التي عين بها الذات الأحمدية، قبل كل تعين ... الخ)
وفي كتاب تبرئة الذمة في نصح الأمة للبرهاني قال: (فضل النبي صلى
الله عليه وسلم وأسبقية نوره، وبيان أن كل الديانات مستمدة منه) قال:
(وحديث سيدنا جابر رضي الله عنه يثبت أسبقية نوره صلى الله عليه
وسلم، فقد روى عن عبدالرازق بسنده في كتابه (جنة الخلد) عن جابر
عن عبدالله الانصاري قال: قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن
أول شيء خلقه الله تعالى قبل الأشياء قال: (يا جابر إن الله تعالى
خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث
¥