[جولة في الفكر الإنساني]
ـ[أيهم ظاظا]ــــــــ[21 - 05 - 2004, 04:54 م]ـ
لما كان العقل هو شرف التميز الذي حبي به الإنسان وميز عن غيره من الكائنات، وجب عليه أن يعيش مع أقرانه على هذه البسيطة حياة هادئة أساسها التفاهم والتعقل لا أن يقوم القوي بأكل الضعيف كا تنص شرعة الغاب. وما ذاك إلا لطبيعة الإنسان المبنية أساساً على فطرة سوية سمت على الجشع والطمع. ولكن تأتي على الإنسان تارات ينسلخ فيها عن إنسانيته وينزل في مستوى التفكير إلى ما دون البهائم ? إن هم كالأنعام بل هم أضل ? فتصبح ذاته همَه، ويمضي في سبيل إشباع رغباته، ويعلن العداء على أخيه الإنسان لمجرد فكرة كان قد اعتنقها.
ربمايكون الفقر هو الدافع الأساسي وراء التشبث برأي معين بغية الوصول إلى حاجة معينة. بعض الناس، على سبيل المثال، يؤيدون أصحاب الأموال فيما يعتقدونه طمعاً ببعض ما عندهم. وطالما أن المال في طبعه يؤمن احتياجات الإنسان أغلبها، فإن هذه الطبقة أعني طبقة الجهل مع الفقر مستعدة لبذل الغالي والرخيص للحصول على ما يحقق لهم شيئاً من السعادة. وهم لا يألون أو يأبهون إذا كانت سعادنهم على حساب آخرين. يبدو هذا الأمر جلياً في دراسة لتاريخ الحروب الصليبية التي انبثقت أساساً رغبة من الأغنياء لتوسيع نفوذهم وكانت طبقة الفقراء خير معين في ذلك.
يميل بعض الناس من جهة أخرى لاعتناق فكرة معينة نظراً لخوفهم من قهر أو جور. وتعد بناء الأهرامات في مصر القديمة من أوضح الأمثلة حين عومل الإٌنسان وقتها معاملة رقي عنها الحيوان انتصاراً لفكرة شخص واحد. وكذا يعيد التاريخ نفسه في مرحلة انتشار الشيوعية فما أن آمن بها لينين حتى جعل الحديد والنار سنده ضد كل من لا يؤمن بهذه الفكرة اليائسة. فيمكن ببساطة الخلوص إلى أن الكثير من الناس في روسيا ذاتها أثناء انتشار المد الشيوعي لم يكونوا مؤمنين أساساً بالشيوعية ولكنهم اضطروا للحرب من أجلها لغرض البقاء.
فيما يخص العاطفة والاعتقاد الديني فله بالتأكيد أثره في حياة وطبيعة الإنسان. ويبقى مدى تفقه الإنسان في دينه المحدد الرئيسي لعلاقة هذا الإنسان بغيره. وإذا كانت الأديان بطبيعتها تدعو إلى العدل والمساواة وعدم الظلم، فإن كثيراً من الناس قاموا بفهم دينهم خطأً وبذلك أساؤوا له. فعلى سبيل المثال يقوم كثير من المتحمسين مثلاً بتقديس منابع علمهم ويعلنون الحرب على من خالفهم. فلا يقببون أي فكرة أخرى لاعتقادهم أن مصادر علمهم مباركون لا يخطئون. ? وما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما تهوى الأنفس ? وزين لهم الشيطان أعمالهم .. والله يعلم متقلبهم ومثواهم.
إذا سلمنا أن حرية الإنسان تتبعها حريته في اعتقاد ما يريد طالما أنه هو صاحب المسؤولية في قراره، وطالما أن ضرر فكرته لا يتعداه و لايمس بقيم العرف ومبادئهم، وجب تركه وشأنه وعدم التعرض له وإيذاؤه. كا يجب عليه عدم فرض فكرته بمنطق القوة، بل يبقى الحوار الهادئ الهادف أدعى سبيل لحفظ الدماء وسلامة القلوب ? ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ?
ـ[أبو سارة]ــــــــ[23 - 05 - 2004, 02:04 ص]ـ
أخي الكريم، كلماتك جميلة بل رائعة،أعجبتني جدا، ولدي رأي أرجو أن تتقبله بالقبول الحسن، وهو بخصوص الاعتقاد، والسؤال هو:هل نزن حرية الاعتقاد للآخرين بالعقل أم بنصوص الشرع؟ وإذا قلنا أنها توزن بالشرع، فهل يعني هذا بطلان حرية الاعتقاد بأي ميزان غير ميزان الشرع، كالعقل أو السياسة مثلا؟
ولك خالص التحايا
ـ[أيهم ظاظا]ــــــــ[23 - 05 - 2004, 12:53 م]ـ
السلام عليكم .. و شكراً لك أخي أبو سارة ...
يجب أن تتفق حياة المسلم دائماً مع ما شرعه له ربه، ووضحه له نبيه صلى الله عليه وسلم بدليل صحيح صريح. وبذلك سمي مسلماً (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) وإذا كان الناس أساساً ينقسمون إلى أصحاب علم وعامة. أو قل أصحاب اجتهاد وعدمه. وجب على كل شخص أن يعرف نفسه ويختار ما يناسبه. فأصحاب العلم مثلاً يقومون بالتحليل والبحث والتمحيص، وعامة الناس يتخذون من أؤلئك، أعني أصحاب العلم، ميثاقاً ويولون ثقتهم المطلقة فيما عندهم، ويمضون في مناكبها (كل ميسر لما خلق له).
ولكن لا بد أن يشوب تلك الثقة المطلقة نوع من العقل، فمثلاً إذا لم يعجبني رأي معين فلي الحق في أخذه أو رفضه ولو كان هذا الحكم قد صدر من أعلم أهل زمانه. شريطة أن لا يصاحب هذا الأمر غروراً أو اعتقاد الأفضلية. له رأيه ولي الحرية فأقوم بالبحث و سؤال غيره. (لا يكن أحدكم إمعة)
أما أن أجعل الهوى حكماً ما وافق هواي أخذته وغيره نبذته فليس هذا الذي عنيت.
أقول ملخصاً ..
نحتاج أن نزين كل الأمور في ميزان العقل مع أساس شرعي ننطلق منه. و أرجو أن لا يفهم هذا من أن الدين كله يؤخذ بالعقل. لا ... إذا وجد دليل صحيح يبت في مسألة معينة فلا مجال وقتها إلا للتسليم مع بقاء حرية الاختيلر (لا إكراه في الدين) لأن هذا العقل في تفكيره محدود، وتبقى محدودية القل شاهداً على عجز هذا الإنسان ..
معذرة أخي للإطالة أو إذا كنت فهمت سؤالك خطأً .. ز شكراً لك