تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُجب.

ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[08 - 07 - 2004, 03:37 م]ـ

من البريد:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد ..

فإن العُجب من الآفات الخطيرة التي تصيب كثيراً من الناس، فتصرفهم عن شكر الخالق إلى شكر أنفسهم، وعن الثناء على الله بما يستحق إلى الثناء على أنفسهم بما لا يستحقون، وعن التواضع للخالق والانكسار بين يديه إلى التكبر والغرور والإدلال بالأعمال، وعن احترام الناس ومعرفة منازلهم إلى احتقارهم وجحد حقوقهم.

حدُّ العُجب

والعجب هو الزهو بالنفس، واستعظام الأعمال والركون إليها، وإضافتها إلى النفس مع نسيان إضافتها إلى المُنعم سبحانه وتعالى.

مساوئ العُجب

من مساوئ العجب أنه يحبط الأعمال الصالحة، ويخفي المحاسن، ويكسب المذام.

قال الماوردي: ((وأما الإعجاب فيخفي المحاسن، ويظهر المساوئ، ويكسب المذام، ويصد عن الفضائل .. وليس إلى ما يكسبه الكبر من المقت حد، ولا إلى ما ينتهي إليه العجب من الجهل غاية، حتى إنه ليطفئ من المحاسن ما انتشر، ويسلب من الفضائل ما اشتهر، وناهيك بسيئة تحبط كل حسنة، وبمذمة تهدم كل فضيلة، مع ما يثيره من حنق، ويكسبه من حقد)).

حكم العُجب

العجب محرم؛ لأنه نوع من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وكثيراً ما يقرن الرياء بالعجب، فالرياء من باب الإشراك بالخلق، العجب من باب الإشراك بالنفس، وهذا حال المستكبر، فالمرائي لا يحقق قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} والمعجب لا يحقق قوله: {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فمن حقق قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} خرج عن الرياء ومن حقق قوله: {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} خرج عن الإعجاب)).

وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله: ((اعلم أ، العجب مذموم في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا} [25: سورة التوبة]. ذكر ذلك في معرض الإنكار. وقال عز وجل {وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [2: سورة الحشر] فرد على الكفار في إعجابهم بحصونهم وشوكتهم. وقال تعالى {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [104: سورة الكهف] وهذا أيضاً يرجع إلى العجب بالعمل، وقد يعجب الإنسان بالعمل وهو مخطئ فيه، كما يعجب بعمل هو مصيب فيه.

وقال صلى الله عليه وسلم ((ثلاث مهلكات: شحُّ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه)). [أخرجه البيهقي وحسنه الألباني].

ومن السنة النبوية كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجل يمشي في حلةٍ تعجب نفسه، مرجل جمته، إذ خسف الله به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة)) [متفق عليه].

جاء في الفتح لابن حجر: قال القرطبي: [إعجاب المرء بنفسه هو ملاحظته لها بعين الكمال، مع نسيان نعمة الله، فإن احتقر غيره مع ذلك فهو الكبر المذموم.

وقوله: ((إذ خسف الله به)) يدل على سرعة وقوع ذلك به. وقوله: ((فهو يتجلجل إلى يوم القيامة)) وفي رواية الربيع عند مسلم: ((فهو يتجلجل في الأرض حتى تقوم الساعة)).

قال ابن فارس: التجلجل: أي يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد، ويندفع من شق إلى شق، فالمعنى يتجلجل في الأرض أي ينزل فيها مضطرباً متدافعاً)).

ومن الأدلة كذلك على ذم العجب حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، فعن أبي أمية الشعباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ قال: أيّةُ آية؟ قال: قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [105: سورة المائدة].

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير