تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إلا أن حكم التبليغ واجب على كل عالم وإن لم يكن واجب على كل فرد من أفراد الأمة.

الفرق بين الدعوة والتبليغ

بعد أن بينا معنى الدعوة وحكمها والتبليغ وحكمه يظهر للمتأمل ثمة فوارق بينهما في المعنى والتطبيق العملي.

فحكم الدعوة في القرآن الكريم كما ذكرت سابقاً شمل النبي (ص) وطائفة من المؤمنين الواعين المخلصين.

وأما حكم التبليغ فهو مخصوص بالأنبياء والعلماء بصفتهم ورثتهم. ومن ثم كان الفارق بين الداعية والمبلغ، فالداعية لا يلزمه أن يكون متبحّراً في أحكام الشريعة على عكس المبلغ الذي يلزمه معرفة أحكام الشريعة وأبعادها ومحيطاً بها إحاطة تؤهله إلى تقديمها وتبليغها للناس.

كما أن المبلغ لا يلزمه معرفة الثقافة العامة للشعوب والمجتمعات ولا لغات المجتمعات الأخرى على العكس من الداعية الذي يلزمن معرفة أمور كثيرة سوف نذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.

فالدعوة: هي حسن الطلب والتلطف فيه من الداعية لدخول الناس إلى الإسلام أو التمسك به إن كانوا مسلمين قد ابتعدوا عن أصل الإسلام وروحه.

أما التبليغ: فهو حسن العرض لتعاليم الإسلام وتعليمها وإرشاد الناس إليها ومن هنا فإن الدعوة تتقدم على التبليغ في الرتبة. بمعنى الدعوة إلى الإسلام تسبق تبليغ تعاليمه.

وبعبارة أخرى. التبليغ مرحلة ثانية تلي مرحلة الدعوة.

وللتوضيح أكثر امثل لذلك برجل أعدّ وليمة وجهزها للناس. فإن أول ما يقوم به ويفعله هو أن يدعو الناس إليها. وبعد تلبية الدعوة تأتي مرحلة تقديم المائدة.

وهذا هو عين ما أشار إليه الرسول (ص) في معنى ما ورد عنه: «ومثلي ومثلكم كرجل اعدّ وليمة ودعا الناس إليها فمن دخل أكل ومن لم يدخل لم يأكل».

ومع هذه الفوارق التي ذكرتها إلا أن التوافق والمشتركات بين الدعوة والتبليغ أكثر وأعم مما أدى إلى استعمال كل لفظ منهما مقام الآخر وأهم هذه المشتركات هو التداخل بين وظيفة المبلغ ووظيفة الداعية.

الفرق بين الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

إن كثيراً من المفسرين خاصة القدماء منهم لم يفرقوا بين مسألة الدعوة ومسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوهموا أن المسألتين مسألة واحدة يدرك ذلك من يراجع تفسير الآية الكريمة: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون).

فعلى سبيل المثال نذكر قول ابن كثير القرشي في تفسير الآية نجده يقول: «والمقصود في هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من أفراد الأمة بحسبه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، وفي رواية وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» انتهى.

وبعدها ساق ابن كثير روايات كلها تتعلق بمسألة الأمر بالمعروف النهي عن المنكر.

واستشهاده بروايات تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على تفسير آية تشمل الدعوة أيضاً دليل على عدم تفريقه بين المسألتين. لذلك أضربت فتواه بين الوجوب الكفائي الظاهر من الآية وبين الوجوب العيني الظاهر من الروايات.

والحق أن الروايات مدارها حول الأمر بالمعروف وليس الدعوة.

وكذلك ما ذكره جلال الدين السيوطي في) الدر المنثور (لم يخرج عما ذكره ابن كثير وتابعهما على ذلك عدد كبير من المفسرين.

لكن الواقع الذي لا ريب فيه أن ثمة فارق كبير بين مسألة الدعوة، ومسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهم هذه الفوارق:

1 ـ اختلافهما في الآية الشريفة:

تقول الآية: (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .. ).

فإن الوصل بين جملة (يدعون إلى الخير) وجملة يأمرون بالمعروف) بحرف العطف (واو) يدل على تباعد معنى الجملتين وإن كان الفاعل لهما واحد وهذا التباعد بين معنيي الجملتين يظهر الفارق بين الموضوعين، موضوع الدعوة وموضوع الأمر بالمعروف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير