فإن الحب الكامل بين رجل وامرأة لا يمكن تصوره إلا بعد الزواج حيث تُتاح الفرصة للمنافع المتبادلة ولترجمة الإخلاص والوفاء والتفاني في خدمة الغير إلى واقع فعلي، وأما قبل الزواج فإن الحب غالباً لا يكون إلا مجرد الميل الغريزي بين الرجل والمرأة.
وتؤكد هذا الرأي الدكتورة (لويز تيلور) الأمريكية حيث ترى أن: نجاح الزواج لا يرتبط بوجود حب قبل الزواج، والمهم أن يأتي الحب بعد الزواج، ثم يشعر به الزوجان ويزيدهما تقارباً والتصاقاً.
والحب بعد الزواج أمر ممكن، وهو تطور عادي لعلاقتهما لو سلك الزوجان سبل التفاهم والتضحية وعمل كل منهما على اسعاد الآخر.
والحب الناشيء عن المعاشرة الطيبة والود والتفاهم أمتن أنواع الحب وأصلبها وأبقاهما، وهو القادر على مواجهة الحياة الزوجية لأنه يقوم على أسس متينة للروابط، وليس على مجرد رغبات طارئة عابرة،
وترى الباحثة الأمريكية أن أسس اختيار شريك الحياة السليمة هي:
1 - توافر الاحساس بالاحترام المتبادل.
2 - رغبة كل من الطرفين في معرفة مزيد عن الآخر.
3 - الاعتزاز بشخصية الطرف الآخر والرغبة الجادة في الارتباط به.
4 - تقارب ظروف الاثنين في المستوى الاجتماعي والموارد المالية. التقارب في نوع الثقافة والتعليم.
ويجب على كل منهما أن يدرس شخصية الآخر دراسة موضوعية، مع محاولة التخلص من نشوة العاطفة الوهاجة المصاحبة لفكرة الارتباط، والتي قد تفسد الحكم السليم على شريك الحياة.
لماذا النظر إليها؟
روى النسائي والترمذي عن المغيرة بن شعبة أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخبره بأنه خطب امرأة فقاله له صلى الله عليه و سلم: ((انظر إليها فإنه أحرى ما يؤدم بينكما)).
لقد أوجب الإسلام على الرجل النظر إلى المرأة قبل الزواج، وهي كذلك النظر إلى من يريد الزواج منها، حتى يتم الرضا بالشكل وأيضاً يحدث الانسجام والميل القلبي والاحساس الداخلي المعتبر وهو وقف على شريك وشريكة الحياة.
فإذا لم يحدث الانسجام والميل القلبي من الطرفين فيكون الانفصال من البداية وهذا بالطبع أفضل من أن يحدث بعد الارتباط بالخطبة، وبعد ذلك العقد والزواج.
هناك العديد من القصص التي جاءت تؤكد على احترام الإسلام لرأي المرأة واستشارتها وتكريمها ورضاها والقبول أو عدم الرضا.
وأنه لو حدث أن زوجها وليها بدون استشارتها ورضاها ثبت لها الخيار في الفسخ وعدمه منها:
1 - ما رواه البخاري أن خنساء بنت خذام زوجها أبوها وهي كارهة، وكانت ثيباً، فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فرد نكاحها.
2 - روى أحمد والنسائي وبن ماجه أن رجلاً زوّج ابنته بغير استشارتها فشكت إلى النبي صلى الله عليه و سلم وقالت: يا رسول الله إن أبي زوجني من بن أخيه ليرفع بن خسيسته، فجعل النبي صلى الله عليه و سلم الأمر إليها، فلما رأت ذلك قالت: أجزتُ ما صنع أبي، ولكني أردتُ أن أعلم النساء أنه ليس للآباء من الأمر شيء.
3 - والكثير منا يعلم قصة (بريدة ومغيث) لمّا عُتقت لم ترضى أن تبقى معه، وتدّخل النبي صلى الله عليه و سلم بينهما فقالت له: يا رسول الله هل أنت شافع أم آمر؟
فقال: ((بل شافع)) فلم تقبل فجعل الخيار لها.
وخلاصة القول:
إن مشاعر الحب والميل القلبي بين الرجل والمرأة أمر فطر طبيعي وهو حاجة من الحاجات الأساسية للإنسان، ولكن هذا الميل يكون مضبوطاً بالضوابط الشرعية حتى لا يقع الرجل أو المرأة في الإثم الشرعي، علاقة آثمة لا تنتهي بالزواج.
والعاقل من يفهم الحب بمعناه الحقيقي لتبنى البيوت على الحقائق لا على الأوهام، ومن يريد الزواج ينظر إلى الشريك الآخر ويراه ليحدث القبول والرضا.
ولا يتزوج زوج بزوجة تُفرض عليه دون اختيار منه أو إرادة، وكذلك بالنسبة للمرأة حتى لا ينتهي الزواج بالفشل ويتعلل بعد ذلك أنني لم أختر هذا الشريك وإنما أمي أو أبي أو أختي الكبيرة أو فلان، ولكن على الزوجين أن يختار كلاهما الآخر بمحض إرادته، وأن يسبق الزواج التعلق الروحي أو الوجداني.
وهو ما نسميه (الميل القلبي).
أما الحب الكامل بين رجل وامرأة فلا يمكن تصوره إلا بعد الزواج حيث تُتاح الفرصة للمنافع المتبادلة ولترجمة الإخلاص والوفاء والتفاني في خدمة الطرف الآخر إلى واقع فعلي، أما قبل الزواج فإن الحب غالباً لا يكون إلا مجرد الميل الفطري بين الرجل والمرأة.
وتذكر عزيزي القارئ أسمى علاقة حب في الكون بأسره أتدري ما هي؟
إنها علاقة الحب المتبادل بين العبد وربه، إنها العلاقة التي تربط بين الله جل وعلا وعباده المؤمنين الذين آثروه على كل ما سواه، تلك التي صوّرها الله تعالى بقوله: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (54) سورة المائدة (المائدة: 54) واستمع إلى دعاء الحب من خير المحبين رسولنا rعندما كان يقول: ((أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقرب إلى حبك)) سنن الترمذي.
ونحن نسأل الله العظيم أن يجمع بين القلوب ويؤلف بين الأزواج ويرزقنا حب الله تعالى وحب كل ما يحبه.
منقول
¥