العربية من الدَّين
ـ[سيد يوسف]ــــــــ[03 - 12 - 2007, 03:11 م]ـ
العربية من الدَّين
(يا له من تناقض وسفه أن نتحدث العربية وقلوبنا تعانق عقولنا هناك بعيدا عند الغرب)
سيد يوسف
تمهيد
حين يقول الله تعالى فى قرآنه (إنا أنزلناه قرآناً عربيًّا لعلكم تعقلون) يوسف 2، وحين يقول جل شأنه (إنا جعلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون) الزخرف 3، وحين يوصينا عمر بن الخطاب بقوله "تعلموا العربية فإنها من دينكم ... "
فإن لنا أن نفخر بهذي اللغة لأنها عنوان هويتنا ولأن الله عز وجل قد اختار العربية وعاء للوحي، ووسيلة للتواصل، وتقديرا لها كأداة خالدة عبر الزمان –الزمان كله- مؤهلة للخلود والبقاء والتجدد والاستمرار وإن أصابها بعض الضعف لا لذاتها ولكن لضعف الإنتاج الحضاري والإبداعي والإنساني لأهلها بعض الحين.
ولعل التعبير بقوله تعالى لعلكم تعقلون يؤكد ما تعارف عليه الناس حديثا من أن اللغة لها علاقة بالتفكير والإبداع ... وهو الأمر الذى بات مطلبا هاما لأهل اللغة حتى يحرسوا الدين واللغة معا ... من أجل هذا تأتى هذى المقالة كمساهمة في تحقيق الوعي اللازم للحضارة، والتحصين الثقافي، واسترداد شخصيتنا وهويتنا، وكأداة تعيق معاول الهدم الثقافي لهذه الأمة التى باتت حين غلبت مبهورة بالغالب ثقافة ولسانا ومدنية.
قد غضب أهل الفرنسية فما بالنا لا نغضب؟
تناقلت وكالات الأنباء عما قريب غضب الرئيس الفرنسي حين ألقى وزير خارجيته خطابا باللغة الإنجليزية معبرا أن اللغة الفرنسية لا تقل عن الإنجليزية فهل لغتنا العربية أقل من تلك اللغات رغم أنها عند التحقيق تفوقهما ثراء؟!
تحذير
أن أي انحطاط باللغة لسانا وكتابة ولا سيما فى المحافل العلمية والإعلامية والرسمية يعني محاصرة هذه اللغة وتقويضها ومن ثم هدمها ... على أن من الإنصاف القول إن هذا التفريط جاء فى غمرة الحياة الدنيا والنقل عن الآخرين وأحيانا بترجمة دلالات الألفاظ العربية إلى اللغات غير العربية، مما يعد لون من الضلال الثقافي، والانتقاص لهذه اللغة قيمة ولسانا ومكانة ... ولم يكن فى كثير من الأحيان وليد تعمد وإساءة مقصودة.
ضرورات حتمية
بات من الضروري المحافظة على المصطلحات العربية ولا سيما الإسلامية بشكل عام، والاحتفاظ بمدلولاتها، وتوريث ذلك لأجيالنا القادمة حتى يحتفظوا لهم بهوية سليمة ولا يكونوا كأمثال بعضنا يتلفت يمينا ويسارا يبحث عن هوية فلا يجدها!! ولو أنهم بحثوا داخل نفوسهم لما وجدوا عناء كبيرا ... لو كانوا يعقلون!!
ولا يحسبن أحد خطأ وجهلا أن الدعوة إلى المحافظة على تراثنا ولغتنا ومصطلحاتنا فيها انتقاص أو تعارض للامتداد بها وتطويرها وتنشيط الترجمة منها وإليها لكنا نرجو لهذا النشاط استصحاب المعنى الأصلي وعدم الخروج عليه.
مثال توضيحى قرآني
ويجدر بنا أن نسوق مثالا توضيحيا عرضه د/ عمر عبيد حسنة حيث يقول: "وقد نبه القرآن لهذه القضية الخطيرة عندما أرشد المسلمين إلى ضرورة استخدام مصطلح (انظرنا)، ونهى عن مصطلح (راعنا)، الذي كان يستعمله ويشيعه يهود، كنوع من التضليل الثقافي، وتحقيق بعض الأغراض الكامنة في نفوسهم، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم) البقرة 104
ثم يقول " إن أهمية تحديد المصطلح، وقضية الوضوح في دلالته، في البناء الفكري والثقافي للأمة، أمر ذو قيمة فكرية بالغة، إلى درجة أصبح معها كثير من المؤلفين والباحثين، يفردون صفحات في مقدمة مؤلفاتهم، لمعجم المصطلحات المستعملة، والدلالات التي أرادوها، من استعمال هذه المصطلحات، وهي طريقة محمودة فكرياً وثقافياً، حتى يتحقق الوضوح، ولا يحمّل الكلام أكثر مما يحتمل، ولا يقوَّل الإنسان ما لم يقل، حتى لقد بلغ الأمر اليوم، أن تفرد معاجم لمدلولات كل علم من العلوم، كمعجم المصطلحات الفلسفية، ومعجم المصطلحات الدبلوماسية، ومعجم المصطلحات النفسية ... الخ" انتهى.
حراسة اللغة وحمايتها ... كيف؟
جميل أن تنضم لجهود المجامع اللغوية بعض الجهود الأخرى سواء كانت جهود مؤسسات تربوية وإعلامية واجتماعية أو مؤسسات الدولة من حيث التشريع القانوني أو جهود الأفراد فى مجال البحوث والتأليف أو حتى تربية النشء فى محيط الأسرة.
¥