تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عن دلالات أقوال وأفعال وتقارير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم]

ـ[مهاجر]ــــــــ[13 - 12 - 2007, 08:54 ص]ـ

السلام عليكم

هذه بعض فوائد تتعلق بهذه المسألة الجليلة، بعد مراجعتها، أسأل الله، عز وجل، النفع بها في فهم دلالة ما يصدر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بصفته: ناقلا للشرع، عن رب العالمين، عز وجل، أو: صاحب الشريعة كما اصطلح على ذلك جمع من الأصوليين.

أولا:

الأقوال:

فهي أقوى دلالة من الأفعال، ولذا اشتهر عند الأصوليين قولهم: دلالة القول مقدمة على دلالة الفعل عند وقوع التعارض وتعذر الجمع بينهما، ومن ذلك:

تعارض أحاديث:

الأمر بتغطية الفخذ، وكشفه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فخذه يوم خيبر، كما في حديث أنس، رضي الله عنه، وحديث عائشة، رضي الله عنها، في تغطية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فخذه لما دخل عليه عثمان رضي الله عنه.

وحديث جرهد الأسلمي، رضي الله عنه، مرفوعا، وفيه: (غَطِّ فَخِذَكَ فَإِنَّهَا مِنْ الْعَوْرَةِ)، والحديث عند الترمذي بسند حسن، وحديث معمر، رضي الله عنه، عند البيهقي، رحمه الله، في "شعب الإيمان"، وفيه: (يا معمر، غط فخذك، فإن الفخذ عورة)، فيقدم حديث جرهد على حديث أنس وعائشة، لأنه قول وحديثهما: فعل، فيقدم القول على الفعل، فضلا عن احتمال كون حديثهما: واقعة عين، أو كونه من خصائصه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد اعترض بعض أهل العلم على تخريج الفعل على كونه من الخصائص، لأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، فضلا عن كونه معارضا بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنْ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً)، فالأصل في أفعاله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: عموم التأسي فهو: أصل، وكونها من خصائصه: خلاف هذا الأصل، فعلى الناقل عن الأصل الدليل، ومن أدلة ذلك:

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ)، فالخطاب في صدر الآية: خاص بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جهة اللفظ، عام من جهة المعنى، بدليل صيغ الجمع في: (طَلَّقْتُمُ)، و: (فطَلِّقُوهُنَّ)، و: (وَأَحْصُوا)، و: (وَاتَّقُوا)، و: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ)، فالآية، وإن توجه الخطاب فيها ابتداء للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إلا أن حكمها عام في حقه وفي حق أمته، بدليل: سياق الآية، على التفصيل المتقدم، وكون الأصل في أفعاله: عموم التأسي إلا ما قام الدليل على خلافه، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما يقول الأصوليون، وقد خالف الشافعي، رحمه الله، في هذه المسألة، مع كونه ممن يقول بعموم الألفاظ، ومن عباراته الشهيرة: (السبب لا يصنع شيئاً، إنّما تصنع الألفاظ)، فقصر الحكم في مثل هذه الآيات على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلا يستفاد عمومها من نفس السياق، وإنما تدل عليه قرائن منفصلة، لأن خطاب المفرد لا يشمل بوضعه اللغوي عموم المكلفين.

وقوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ):

فالخطاب في صدر الآية: خاص بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من جهة اللفظ، عام من جهة المعنى، بدليل صيغ الجمع في: (مُنِيبِينَ)، و: (وَاتَّقُوهُ)، و: (وَأَقِيمُوا)، و: (وَلَا تَكُونُوا).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير