تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[تابع شرح الحديث المدهش ج 5 والأخير]

ـ[أبو همس]ــــــــ[22 - 11 - 2007, 10:54 م]ـ

هذا شرح الجزء الخامس والأخير من الحديث المدهش:

واعلم أن النصر مع الصبر:.

أي أن من يصبر ويثبت في كل المواقف فإن الله ينصره خاصة في الجهاد كما قال تعالى: {قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلةٍ غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين} .. سواء كان جهاد هوى، أو جهاد عدو، أو جهاد نفس، فمن صبر في مجاهدة العدو، أو في مجاهدة نفسه وهواه، حصل له النصر والظفر، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غُلب وقُهر وأُسر، وصار ذليلاً.

فالله عز وجل دعا إلى الصبر في مواطن المثابرة والعبادة بقوله جل من قائل: {فاعبده واصطبر لعبادته} وقوله تعالى: {وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها}، فالصلاة تحتاج لصبر، والزكاة وإخراج المال يحتاج لصبر، والصيام يحتاج لصبر ..... وهكذا سائر العبادات.

وترك الشهوات يحتاج لصبر، ومجاهدة النفس لترك الغناء والملاهي والمحرمات يحتاج كذلك لصبر.

ومن الصبر أيضاً الصبر في مواطن البلاء قال تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم} وعدد الله أنواع البلاء في قوله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا:إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وألئك هم المهتدون}.

ومن أنواع الصبر:.

الصبر على الطاعة ـ والصبر عن المعصية ـ والصبر على أقدار الله.

أما مراتب الصبر:.

فهي كظم الغيظ ـ والعفو ـ والإحسان مع الإساءة.

جُمعت في قوله تعالى: {والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين} ـ نسأل الله الكريم من فضله وأن يجعلنا مع المحسنين ـ

وإذا عرتك بليةٌ فاصبرلها صبر الكريم فإنه بك أعلمُ

وإذا شكوتَ إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ

فالفائز الحقيقي هو الذي يصبر على ما أصابه، ويعلم أن النصر والظفر الحقيقي لا يأتي إلا مع الصبر، ويكفيه أجر الصبر في الآخرة حتى وإن لم ينل مراده في الدنيا.

قال أحد الصالحين: لو لم يكن للصبر إلا قوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} لكفى ..

وأن الفرج مع الكرب:.

قال الشاعر:

يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ *ابشر بخير فإن الفارج اللهُ

اليأس يقطع أحياناً بصاحبه *لا تيأسن فإن الفارج اللهَ

إذا بليت فثق بالله وارض به *إن الذي يكشف البلوى هو اللهَ

الله حسبك مما عذتُ به *ومن أمنع ممن عذتُ به اللهُ

الله يُحدث بعد العسر ميسرة *لا تجزعنَّ فإن الكافي اللهُ

واللهِ مالك غيرُ الله من أحدٍ *فحسبك الله في كلٍّ لك اللهُ

هذا مثل قوله تعالى: {فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزَّل عليهم من قبله لمبلسين}. فتفريج الكربات من الله عز وجل، وقد قص الله علينا قصص تفريج الكربات عن أنبيائه عندما تناهى الكرب كإنجاء نوح من قومه، وإنجاء إبراهيم من النار، وأيوب من المرض، ويونس من بطن الحوت، والنبي صلى الله عليه وسلم من الكافرين واليهود.

فعلى العاقل أن يعلم أن تفريج الكربات لا يكون إلا من الله عز وجل، فإذا همَّ به أمر، وضاق به الصدر رفع يديه إلى السماء وقال: يارب، ودعا الله بما شاء فإن الله سيُفرج همه.

وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:" اللهم اجعل لي من كل هم أوغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجاً ومخرجاً ".

واسمعوا معي إلى التوكل على الله والاستعانة به في تفريج الكربات، وفي أضيق الأزمات.

نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار، ورمي بالمنجنيق استقبله جبريل فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: أما إليك فلا [انظر النار أمامه ومعه الوحي من الله ولكن إيمانه يرفض أن يعتمد عليه ويترك الله جل وعلا] فقال: أما إليك فلا، فقال جبريل: فاسأل ربك فقال إبراهيم: حسبي من سؤال علمه بحالي فأنزل الله أمره ورحمته إلى النار فقال جل وعلا: {قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} ولو جعلها برداً لهلك وإنما جعلها برداً وسلاماً.

قال ابن عباس: لما ألقي إبراهيم جعل خازن المطر يقول: متى أؤمر بالمطر فأرسله، قال: فكان أمر الله أسرع من أمره.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير