تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وفاةُ العالِم النحْويّ مُحمّد علي طه الدُّرّة ..

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[21 - 12 - 2007, 05:50 م]ـ

.. في مسجد خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في مدينة حمص بسوريا، كانت الصلاةُ على الشيخ محمد علي بن طه الدرة، بعد أن انتقلَ إلى جوار ربه، يومَ الخميس 26/ 11/1428هـ، الموافق 5/ 12/2007، والشيخ مِن أعلام اللغة العربية في هذا الزمن، وأحدُ جهابذة النحْو، ومن البقيَّة الذين نذروا أنفسهم للغة القرآن الكريم واهتموا بإعراب كتاب الله العظيم ..

يقول أحدُ محبّي الشيخ محمد علي الدُّرّة:

"لستُ أنسى منظره وهو يغوصُ بين كتبه التي أخذتْ حيّزاً لا بأس به من جامع العنابة في حي بني السباعي. كان يحجبها بستارة كبيرة، وما إن ينتهي من صلاته حتى يعودَ إليها.

كنا في بداية الأمر صغاراً ولم نكن نعرف شيئاً عن مشروع إعراب القرآن الذي أخذ جزءًا كبيراً من اهتمامه. بعد ذلك عرفناه شيخا ونحويًّا ...

وأنا أذكر أني اشتريت كتبه من دكان (محمد أتماز السباعي) الذي كان يبيع القرطاسية وبعضَ الخردوات في محلٍّ قريبٍ من حيّ بني السباعي، وكان الشيخ يوْدِعُ عنده نُسخاً من كتبه للبيع .. وكانت له لهجة خاصة تتميز بالإمالة. وأذكر هنا أنه في نهاية الثمانينيّات سرى خبرٌ بأن الشيخ قد توفي، وأنا سمعت نعيه في مسجدَين بحمص! ثم تبين أنّ الخبرَ عارٍ عن الصحة. رحمه الله وجزاه عمّا قام به في خدمة الدين واللغة العربية.

بقي أن أذكّر أخي .. أن هناك شيخاً حمصيًّا اسمه (حسين دحلة) كان قد أنجز إعراب القرآن، وأذكر أني سمعت أنه سعى إلى طبعه في المملكة العربية السعودية، ولكني لا أعرف إذا كان هذا الأمرُ قد تمّ أم لا؟ وكان الشيخ حسين دحلة والشيخ محمد علي الدرة يدرّسان معًا في إعداية عزة الجندي في باب الدريب".

وإليك -أخي القارئ- أهمَّ مؤلفات الشيخ محمد علي الدرة، وقد تعددت طبعاتها:

1 - فتحُ ربِّ البَرِيّة إعراب شواهد جامع الدروس العربية للغلاييني/ جزءان في مجلد واحد.

2 - فتحُ الكبير المتَعالِ إعراب المعلقات العشر الطوال/ طُبع في مجلدين، ورأيته مطبوعاً في أجزاء متفرقة، ثم اقتنيته مطبوعاً في مجلد ضخم من طبع دار الرازي بدمشق.

3 - فتحُ القريبِ المُجيب إعراب شواهد مُغْني اللبيب/ طبع في أربعة أجزاء، بمطبعة الأندلس بدمشق.

4 - قواعد اللغة العربية/ تأليف: حفني بك ناصف, محمد بك دياب, الشيخ مصطفى طموم, محمود أفندي عمر, سلطان محمد. شرَحه و علّق عليه و أعرب أمثلته وشواهده: الشيخ محمد علي طه الدرة. طبع بمكتبة الغزالي بدمشق.

5 - تفسيرُ القرآن الكريم وإعرابُه وبيانُه/ وهو أنفَسُ كتبه وأضخمها، طُبع في دمشق، في خمسة عشر مجلداً.

وللفائدة، أذكر هنا أبرز من أعربوا القرآن الكريم كاملاً وطُبع لهم، من المعاصرين:

أ-الأستاذ محيي الدين الدرويش، مؤلِّف (إعراب القرآن الكريم وبيانه).

ب-الأستاذ محمود صافي، مؤلف (الجدول في إعراب القرآن وصرْفِه وبيانه، مع فوائد نحويّة هامّة). والمذكوران من مدينة حمص.

ج-ومن دمشق: الأستاذ الدكتور محمد الطيب الإبراهيم، صاحب الكتاب المختصر (إعراب القرآن الكريم) الذي انتشر بين طلبة العلم في جامعات دمشق ومعاهدها، وطبعته دار النفائس، في مجلد واحد ضخم، و608 صفحات. وقد طبع غير مرة.

يَرحمُ اللهُ هذا العالِمَ النحويَّ المخلص .. فقد ترك لنا ذِكراً باقياً وعِلماً غزيراً نافعاً، يصلُه من ثوابه كلّما أفدنا منه وأذَعْناهُ .. وبوركَ في محبٍّ ظلّ يدعوْ لمعلّميهِ ويذكُرُهم في حياتهم وبعد وفاتهم بخير.

ولِتكتملَ الفائدةُ، وكشيءٍ مِن الذكرى، أعرضُ لكَ شيئاً من طريقته وأسلوبه في الإعراب .. في هذا الاختيار مِن إعراب معلقة طَرَفَة بن العبد، في كتابه (فتح الكبيرِ المتَعالِ إعراب المعلقات العشر الطوال):

أرى الموتَ يعتادُ النفوسَ، ولا أرى بعيداً غداً، ما أقربَ اليومَ مِن غَدِ!

... المعنى: يقول إني أرى الموتَ قد تعوّد أخْذَ النفوس، وإني لا أرى اليوم الذي بعد يومي بعيداً، ما أشدَّ قُرب يومي من اليوم الذي يأتي بعده.

الإعراب:

(أرى الموت يعتادُ النفوس) إعراب هذه الجملة مثل إعراب (أرى الموت يعتاد الكرام) في البيت السابق: الواو: حرف عطف.

[ولا أرى]: لا: نافية. أرى: فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره أنا. بعيداً: مفعول به ثانٍ تقدم على الأول. غداً: مفعول به أول، وجملة (لا أرى ... إلخ) معطوفة على الجملة السابقة لا محل لها مثلها، الأولى بالاستئناف والثانية بالاتباع.

(ما أقرب اليوم من غدِ) ما: نكرة تامة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ. أقربَ: فعل ماضٍ جامدٌ دالٌّ على التعجب مبنيٌّ على الفتح، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوباً تقديره هو، يعود إلى (ما). اليوم: مفعول به لأقرب، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو (ما) التعجبية، خذ هذا الإعراب، وهو المشهور عن سيبويه.

وقال الأخفش: ما: نكرة موصوفة والجملة التي بعدها صفة لها، وقال أيضاً هي موصولة، والجملة التي بعدها صلتها، فله قولان، وعلى هذين القولين فالخبر محذوف، والتقدير على الأول: شيء قرب من اليوم عظيم، وعلى الثاني الذي قرب من اليوم شيء عظيم، وقال الفراء وابن دُرُسْتُوَيهِ: هي استفهامية مشوبة بتعجب، والجملة التي بعدها خبر عنها، والتقدير: أي شيء أقرب من غد؟

مِن غدٍ: جارّ ومجرور متعلقان بمضمون الجملة قبلهما، وجملة (ما أقرب ... إلخ) مستأنَفة لا محل لها من الإعراب.

مصدر الخبر:الألوكة ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=1821)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير