تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[عائشة التيمورية وابنتها توحيدة]

ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[14 - 11 - 2007, 10:44 م]ـ

هي عائشة عصمت بنت إسماعيل باشا تيمور بن محمد كاشف تيمور [1]. ولدت السيدة عائشة سنة 1256هـ الموافق 1840م لوالدة شركسية الأصل تدعى بـ" ماهتاب هانم". أما والدها فقد كان وكيل دائرة محمد توفيق باشا ولي عهد الخديوية المصرية. توفي والدها عام 1289هـ، أي بعد 33 عاما، أما والدتها فقد توفيت عام 1285هـ - 1868م. وهي من عائلة علم، فقد كانت عائشة أختاً للمرحوم العلامة المحقق أحمد تيمور باشا، إلا أنه كان من أم أخرى وهي " مهريار هانم " وهي أيضاً شركسية الأصل [2].تزوجت عائشة بكاتب ديوان (همايون) سابقاً السيد الشريف محمود بك الإسلامبولي ابن السيد عبدالله أفندي الإسلامبولي سنة 1271هـ. وبعد زواجها اقتصرت على المطالعة والإنشاد وتفرغت لأعمال المنزل. أنجبت عائشة بنتان وولد، أسمت الكبرى منهما بـ " توحيدة "*، أما ولدها فقد أسمته بـ"محمود بك".أحسنت عائشة تربية ابنتيها وولدها، فقد أوكلت إلى ابنتها الكبرى " توحيدة" مهام المنزل حتى باتت مدبرته. ولكنها توفيت وهي لم تبلغ بعد من العمر 18عاماً، فحل بعائشة حزن وأسى ثقيلان على فقدانها ابنتها، وتركت العروض والعلوم وأمضت سبعة أعوام متواصلة ترثي ابنتها إلى أن أصاب عينيها الرمد. ولم تنفك عائشة عن رثاء ابنتها إلا بعد محاولات مضنية من الأهل والأولاد استمرت سبع سنوات، وبعدها بدأت عائشة بالتوقف شيئاً فشيئاً عن رثاء ابنتها التي كانت مقربة جداً منهاً ومدبرة منزلها [3].كان الأدب في عصر السيدة عائشة أمراً غير مستحسناً من البنات، فقد كانت والدتها ترفض عزوف عائشة عن دروس الخياطة والتطريز لتتفرغ للكتابة والأدب، وكانت غالباً ما تجبرها على تعلم التطريز [4]، إلا أن إجبار الأم لم يأت بنتيجة إيجابية، فقد كانت عائشة تزداد نفوراً من التطريز كلما ازدادت الأم إصراراً على تعليمها1. وقد لاحظ والدها ميل ابنته الشديد لتحصيل الأدب، فكان يقول لأمها: " دعي هذه الطفيلة للقرطاس والقلم ودونك شقيقتها فأدبيها بما شئت من الحكم"2.لقد كانت عائشة تصغي إلى نغمات الكتاب، فحين لفت ميلها للأدب انتباه والدها، أحضر لها من المعلمين والمعلمات الأفاضل لتعليمها الشعر والأدب والعروض في اللغتين العربية والفارسية والتركية. وكان من أهم معلميها الأستاذ إبراهيم أفندي مؤنس، وقد كلف بتعليمها القرآن والخط والفقه، أما الأستاذ الثاني فهو خليل أفندي رجائي، وقد كلف بتعليمها علم الصرف واللغة الفارسية، وبعد وفاة زوجها، حكمت نفسها بنفسها، فأحضرت لنفسها اثنتين من الأساتذة لهما إلمام كبير بالنحو والعروض، إحداهما (فاطمة الأزهرية)، والثانية (ستيتة الطبلاوية) حتى برعت عائشة في ذلك المجال وأبدعت فيه3. وحين أكملت عائشة تعليمها للقرآن الكريم، توجهت إلى مطالعة الكتب الأدبية وبشكل خاص الدواوين الشعرية. ونهلت من علوم معلميها ما نهلت حتى ارتقى مستوى شعرها إلى أعلى الرتب، وفاقت نساء عصرها في الشعر وعلوم الأدب والنحو والعروض. هذا وقد تولى والدها عهدة تعليم ابنته بنفسه؛ لأنه لم يرغب باختلاطها بالرجال فقام بتدريبها كل ليلة بعد العشاء ساعتين، تارة في كتاب الشاهنامة للفردوسي، وتارة في المثنوي لجلال الدين الرومي، وكلاهما من عيون الأدب الفارسي والتصوف الإسلامي4. أدبها (شعرها):قسمت السيدة عائشة شعرها إلى خمسة أقسام، فكان منه الغزلي والأخلاقي والديني والعائلي وشعر المجاملة [5]، وقد تميز شعرها بكل أنواع الصدق والمشاعر الخالصة، إلا أن شعر الرثاء كان له نصيب الأسد من الصدق والعمق والتأثير وجودة التصوير على حد سواء، ولا سيما رثاؤها ابنتها " توحيدة" التي توفيت وهي في مقتبل العمر [6]، ومما قالته في ابنتها: أماه قد عز اللقاء وفي غد سترين نعشي كالعروس يسيروسينتهي المسعى إلى اللحد الذي هو منزلي وله الجموع تصيرقولي لرب اللحد رفقاً بابنتي جاءت عروساً ساقها التقديرإلى أن تقول: أماه! لا تنسي بحق بنوتي قبري لئلا يحزن المقبورثم تقول: صوني جهاز العرس تذكاراً فلي قد كان منه إلى الزفاف سرور [7] وبالنسبة لشعرها الغزلي، فلم يكن منه إلا من قبيل " تمرين اللسان " [8]، وذلك بسبب افتقاد روحها للبهجة والسعادة، وحزنها على ابنتها طال نصيباً واسعاً من روحها؛ مما

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير