تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

* وعن مهران بن عمرو الأسدى قال سمعت الفضيل بن عياض عشية عرفه بالموقف وقد حال بينه وبين الدعاء البكاء يقول واسوأتاه وافضيحتاه وإن عفوت وروى أحمد بن سهل قال: قدم علينا سعد بن زنبور فأتيناه فحدثنا قال: كنا على باب الفضيل بن عياض فاستأذنا عليه فلم يؤذن لنا فقيل لنا إنه لا يخرج إليكم أو يسمع القرآن قال وكان معنا رجل مؤذن وكان صيتا فقلنا له: إقرأ فقرأ [ألهاكم التكاثر] ورفع بها صوته فأشرف علينا الفضيل وقد بكى حتى بل لحيته بالدموع ومعه خرقه ينشف بها الدموع من عينيه وأنشا يقول

بلغت الثمانين أو جزتها ... فماذا أؤمل أو أنتظر

أتى ثمانون من مولدى ... وبعد الثمانين ما ينتظر

عَّلتنى السنون فأبليننى ... ......................

قال ثم خنقته العبره وكان معنا على بن خشرم فأتمه لنا يقول

علتنى السنون فأبليننى ... فرقت عظامى وكل البصر

وعن سفيان قال كان سعيد بن السائب الطائفي لاتكاد تجف له دمعه إنما دموعه جاريه دهره إن صلى فهو يبكى وإن طاف فهو يبكى وإن قرأ في المصحف فهو يبكى وإن لقيته في طريق فهو يبكى قال سفيان فحدثونى أن رجلاً عاتبه على ذلك فبكى ثم قال: إنما ينبغى أن تعذلنى وتعاتبنى على التقصير والتفريط فإنهما قد استوليا على قال الرجل: فلما سمعت ذلك انصرفت وتركته.

* وقال الثورى: جلست ذات يوم أحدث ومعنا سعيد بن السائب الطائفي فجعل سعيد يبكى حتى رحمته فقلت: يا سعيد ما يبكيك وأنت تسمعنى أذكر أهل الخير وفعالهم؟ فقال: يا سفيان وما يمنعنى من البكاء إذا ذكرت مناقب أهل الخير وكنت عنهم بمعزل؟ قال سفيان: حق له أن يبكى.

* وقال أبو مُسهر كان الأوزاعى رحمه الله يحيى الليل صلاه وقرآنا وبكاء وأخبرنى بعض إخوانى من أهل بيروت أن أمه كانت تدخل منزل الأوزاعى وتتفقد موضع مصلاه فتجده رطباً من دموعه في الليل.

* وعن القاسم بن محمد البغدادى قال كنت جار معروف الكرخى فسمعته ليله في السحر ينوح ويبكى وينشد:

أي شيء تريد منى الذنوب ... شغفت بي فليس عنى تغيب

ما يضر الذنوب لو أعتقتنى ... رحمه لي فقد علاني المشيب

* قال الحارث بن سعيد كنا عند مالك بن دينار وعنده قارىء يقرأ [إذا زلزلت الأرض زلزالها] فجعل مالك ينتفض وأهل المجلس يبكون حتى انتهى القارىء إلى [فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره] فجعل مالك يبكى ويشهق حتى غشى عليه فحمل بين القوم صريعاً.

* وروى أحد أقرباء رباح بن عمرو القيسى قال: كنت أدخل عليه في المسجد وهو يبكى وأدخل عليه البيت وهو يبكى فقلت له أنت دهرك في مأتم فبكى ثم قال يحق لأهل المصائب والذنوب أن يكونوا هكذا.

* أتى الحسن البصرى بكوز من ماء ليفطر عليه فلما أدناه إلى فيه بكى وقال ذكرت أمنية أهل النار قولهم [أن أفيضوا علينا من الماء] وذكرت ما أجيبوا به [إن الله حرمهما على الكافرين].

* وعن إبراهيم بن الأشعث قال كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة لا يزال يعظ ويذكر ويبكى حتى لكأنه يودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها.

* وعن عاصم قال: سمعت شقيق بن مسلمه يقول وهو ساجد رب اغفر لي رب اغفر لي إن تعف عنى تعف عنى تطولا من فضلك وإن تعذبني تعذبني غير ظالم لي قال ثم يبكى حتى أسمع نحيبه من وراء المسجد.

* وصلى تميم الدارى ليله حتى أصبح أو قارب الصبح وهو يقرأ آية ويرددها ويبكى [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات]

ذاك والله هو الإيمان الحق الذي ليس بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقة العمل وهؤلاء هم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون وإن لم يكن هؤلاء أولياء الله فليس لله ولى.

ذاك الإيمان الصادق تجسد في هؤلاء الصالحين في أحسن صورة فكونوا به أطهر حضارة على وجه الأرض وحملوه إلى كل الآفاق ففتحوا به البلاد وفتحوا معها قلوب العباد وحطموا الطوغيت ونشروا كلمة التوحيد.

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن أين نحن من هؤلاء؟ وما سر هذه الانتكاسة التي يمر بها العالم الإسلامي؟ ولكن حياة هؤلاء الصالحين تشير ببساطة إلى موضوع الخلل في حياتنا.

إنها ظاهرة ضعف الإيمان في القلوب.

إنها المادية التي طغت علينا في كل شيء.

إنه التشبث الأعمى بالحياة ونسيان رب الحياة ألا فلنعود إلى الله كما عادوا لكي ننهض بأمتنا كما نهضوا. (وما النصر إلا من عند الله) آل عمران 126

المصادر

1 - تحفه الأحوذى -- المباركفورى

2 - صفة الصفوة -- ابن الجوزى

3 - صلاح الأمه -- د/ سيد العنانى

4 - إيقاظ أولى الهمم -- عبد العزيز السلمان

د/ خالد سعد النجار

E-MAIL: alnaggar66*************

alnaggar66***********

ـ منقول للفائدة ومما لا يخفى أن القول حجة على صاحبه وساحة الفصيح واسعة أعتذر إن كان معروض هنا من قبل، نسأل الله رزقاً نافعاً.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير