تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تماما كما يطلق على المعبودات الباطلة: "آلهة"، مع أنه لا إله حق إلا الله، فليس وصفها بالآلهة: إقرارا بصحة عبادتها من دون الله، عز وجل، وإنما هو بيان لواقع أراده الله، عز وجل، كونا، وبعث الرسل عليهم الصلاة والسلام بحربه وإزالته شرعا، لا بإقراره وترك الإنكار على أهله لأن: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"!!!!، فهو كالصفة الكاشفة، في قوله تعالى: (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ)، فلا مفهوم لها ليقال بأن من الآلهة ما له برهان فيصح دعاؤه، وإنما جاءت لتبين واقع هذه الآلهة فكلها باطلة لا برهان لها.

والتسامح إنما يكون في باب "المعاملات الإنسانية" التي يشترك فيها جميع البشر من بيع وشراء ........ إلخ، لا في باب "المعتقدات الدينية" التي تقطع حبال الود بين الأب وابنه، والأخ وأخيه، مصداق قوله تعالى: (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

ولنا وصية عمر رضي الله عنه: (أن لا تكاتبوا أهل الذمة، فتجري بينكم وبينهم المودة، ولا تكنوهم، وأذلوهم ولا تظلموهم)، فإذلالهم يكون بإظهار عزة الإسلام لا بظلمهم والتعدي على دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، مع التنبيه على أن الأمر قد يختلف باختلاف الزمان والمكان، فمن كان مقيما في ديارهم، فإن المصلحة الشرعية قد تقتضي مسايرتهم في بعض أمورهم، كالملبس ونحوه، تأليفا لقلوبهم، ما لم يكن في ذلك محرم نهى عنه الشارع، عز وجل، بعينه، وقد تكون المصلحة الشرعية في استعمال اللين مع المخالف لاسيما في مقام الدعوة والمناظرة والمحاجة، رجاء أن يهديه الله، عز وجل، إلى الحق.

وأما التسامح مع الحربي الذي سب الإسلام أو نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو غزا أرض الإسلام وانتهك حرمة الدم والعرض والمال المسلم، فهو: عجز لا كيس، وقد صرنا في زمان يصرح فيه أحد "الآباء" من النصارى العرب المقيمين في بريطانيا لإذاعة "لندن" ممتنا على المسلمين بأن "بيندكت" الجاهل جهلا مركبا، الذي يستقي معلوماته عن الإسلام من القصص والحكايات، قد شرف، وإن شئت الدقة فقل: دنس، أحد مساجد تركيا، في أثناء زيارته المشئومة إليها، معتبرا ذلك تحولا كبيرا في موقف الكنيسة الكاثوليكية من الإسلام!!!!، فهنيئا لكم أيها المسلمون هذا التحول!!!!.

ولما خرج روان وليامز أسقف كانتربري بتصريحه الأخير، سارع كثير من المسلمين إلى الإشادة به، والثناء عليه، وخلع ألقاب: "الإنصاف" و "الموضوعية" .......... إلخ عليه، مع أنه لم يقدم ما يستحق هذا الثناء، ولكنها الروح الانهزامية التي سادت صفوف المسلمين، فصاروا يتلقفون أي عطية يقذفها إليهم أعداؤهم، وكأن الإسلام دوما في قفص الاتهام، بانتظار من يدافع عنه من أعدائه بعد أن تخاذل أتباعه عن نصرته.

والدين، كما يقول أهل العلم، "أس"، والسلطان حارسه، فلا بقاء لأس لا حارس له، ويوم ضعف سلطان المسلمين وانكسر سيفهم، تجرأ من تجرأ على سب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإزدراء الإسلام وأهله، وسنة الله، عز وجل، الكونية، لا تحابي أحدا، فليس بين العباد وربهم نسب إلا الطاعة، فمن أطاع عز وشرف، ومن عصى ذل وصغر.

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير