تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ظاهرة التمييز بين الأبناء *]

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[28 - 02 - 2008, 01:41 ص]ـ

كتبه: فاطمة دعلوش - المغرب

لعل الأبناء قرة عين الأباء ومكمن راحتهم وبهجتهم, ومصدر رزق غير منتظر, تسعد بسعادتهم النفوس ,

إلا أن الجدير بالطرح, هو أن جل الآباء لايحسنون التصرف ولا المساواة بين أبناءهم فيصبحون مصدر نقمة من حيث هم مصدر نعمة , وبتصرفهم هذا يجعلونهم أعداءا لهم دون قصد أوتعمد , كيف ذلك وما السبيل إلى الإحتراز من هذه الظاهرة؟

التمييز و التشريع الاسلامي:

مما لا اختلاف فيه ان الإسلام يكره الظلم ويعاقب عليه , والتمييز بين الأبناء جور غير معلن, وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على العدل بينهم دونما تفرقة بين الجنسين ذكورا كانوا أم إناثا.

وقد روى الشيخان عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا بشر ألك ولد سوى هذا؟) قال: نعم ,قال (أكلهم وهبت لهم مثل هذا) قال: لا, قال (فلا تشهدني إذن فإنني لا أشهد على جور, ثم قال أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟) قال: بلى، قال: (فلا إذن) متفق عليه.

التمييز ألوان مختلفة:

التمييز أنواع متعددة ومتنوعة , إلا أننا قد نجد الولد يعاني من نوع واحد أو أكثر بحسب نوعية الآباء وطبيعتهم.

- من الناحية المادية: لعل الحديث السالف الذكر خير دليل على هذا النوع – أي التمييز في النفقة والمأكل والملبس وواجبات التمدرس- ودليل على وجوب وضرورة تجاوزه , لما له من انعكاسات سلبية قد تؤثر على العلاقة بين الوالدين والأولاد مستقبلا.

- من الناحية المعنوية أو العاطفية: فالآباء من الواجب عليهم المساواة بين أبناءهم في الإهتمام والمداعبة والعطف والحنان بل حتى في القبل, فإعلان المحبة للأبناء دون تميز هي ترجمة لحب وحنان الوالدين ومحاولة منهم للوصول إلى اعلى درجة المساواة , إن لم ينجحوا في ترجمتها وتجسيدها على أرض الواقع عبر التصرفات الفعلية التي تفضح ما قد يخفيه الأب والأم على حد سواء.

- التمييز في التأديب: يقول الدكتور عبد المجيد بن مسعود بأنه إذا عجزت جميع الوسائل الإصلاحية ملاطفة ووعظا وزجرا وهجرا, فلا بأس بعد هذا أن يلجأ إلى الضرب غير المبرح , عسى أن يجد المربي في هذه الوسيلة إصلاحا لنفسه وتقويما لسلوكه واعوجاجه.

ومن الملاحظ أنه قد يلجأ الآباء إلى التمييز حتى في التأديب, حيث تسلك وتتبع هاته المراحل مع الإبن المفضل فيتوقف التأديب عند الهجر في أصعب الحالات, في حين يتم خرق المراحل والبدء بالهجر مع الإبن غير المفضل في أفضل الحالات.

و للإشارة فإن المساواة من الناحية المادية دون المساواة المعنوية بين الأبناء تفضي إلى نفس نتيجة عدم المساواة في كلتا الناحيتين , لذا وجب المساواة في جميع الحالات.

وفي هذا السياق تحكي الطالبة " ف. أ " معاناتها لتقول: (أبي غفر الله له يفرق بيننا وأمي كذلك, ويعلنون ذلك أمامنا دون تحفظ, وحصة الأسد ماديا ومعنويا لأختي, بالرغم من سوء تصرفاتها مع الجميع فكلما اجتمعنا يحدثنا عن الرزق الذي جناه بعد ولادتها لدرجة أنني بعدما نفذ صبري قلت له: هل أصابك "السيزي" بعد ولادتي؟ فتفطن للأمر وقال: لا بل أصابني رزق مضاعف).

إختلاف الطباع والجنس من مسببات التمييز.

كثيرا من الآباء يعتقدون أن المسؤول الأكبر عن التمييز بين الأبناء هم الأبناء أنفسهم, فاختلاف الطباع وحسن التصرف واللباقة في استغلال نقط ضعف الآباء لتحقيق متطلباتهم, يحيد بالأب والأم عن المساواة دون قصد مسبق في أغلب الأحيان. سواء في الإنفاق أو العطف أو حق إبداء الرأي والإعتراض. فلا يحسب حساب للرأي الصائب بل للرأي الصادر من الإبن المميز بحسب الطباع السالفة الذكر.

وقد يكون الذكر في الأوساط الشعبية – خاصة- مقبولا في جميع تصرفاته عن الأنثى وتعطى له كل الصلاحيات وتنفذ له كل الرغبات ناسين أو متناسين قوله تعالى (يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور, أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ,ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير) الشورى 50 - 94

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير