تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الأمية الجديدة في جامعات الوطن العربي]

ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[17 - 02 - 2008, 07:48 ص]ـ

الأمية الجديدة بجامعات الوطن العربي

اهتمام اليونسكو بالتنوع اللغوي

أ. د. محمود الذوادي*

يزداد اهتمام منظمة اليونسكو في العقود الأخيرة بمسألة المحافظة على التنوع اللغوي في العالم. فنشرت منذ سنوات أطلس اللغات المهددة بالزوال في العديد من المناطق على الكرة الأرضية. إذ تشير بعض التوقعات أن نهاية القرن الحادي والعشرين سوف تشهد اندثار 3000 لغة. واختارت اليونسكو أخيرا يوم 21 فبراير اليوم العالمي للغة الأم أي اللغة القومية لتحسيس الناس على مستوى عالمي بمدى أهمية القضية اللغوية ورفع مستوى وعيهم بأولوية المحافظة على لغاتهم القومية

والوطنية والمحلية.

إن اللافت للنظر بهذا الصدد أن المؤتمر الأول الذي عقده العرب لمعالجة الضعف والتردي في اللغة العربية كان في عام 1947. أي قبل60 سنة من انعقاد المؤتمر الثاني بالقاهرة هذه السنة 2007. وإذا استمر اهتمام العرب بلغتهم على هذا المنوال فإنه يؤمل أن يعقد المؤتمر الثالث القادم في 2067. وليست ظاهرة " الأمية الجديدة " إلا أبرز النتائج الخطيرة لإهمال العرب للغة العربية الفصحى: لغتهم الوطنية والقومية. فدعونا نتعرف على بعض معالم " الأمية الجديدة " عند النخب المتعلمة والمثقفة في الجامعات العربية التي يفترض أن تكون الحصن المنيع للغة الضاد في المجتمعات العربية.

ظاهرة الأمية الجديدة في الغرب

إن مصطلح "الأمية الجديدة" مصطلح حديث الاستعمال. فقد بدأ تداوله في المجتمعات الغربية المتقدمة وخاصة بجامعاتها. فبعض جامعات هذه الدول مثل الولايات المتحدة الأميركية وكندا قررت عدم قبول الطلاب والطالبات في برامجها وأقسامها إلا بعد نجاحهم في امتحانات لغوية (بالإنكليزية) تعدها المؤسسة الجامعية المعنية. بينما قامت جامعات أخرى بتقديم دروس لغوية إنكليزية إضافية للطلاب والطالبات المقبولين من أجل تحسين مستوى لغتهم الذي يؤهلهم في نهاية الأمر للدراسة الجامعية. إن منطق مسؤولي هذه الجامعات في التركيز على أهمية المقدرة اللغوية قراءة وكتابة لدى الطالبات والطلاب الجامعيين لا يمكن أن يخفى على كل من يعرف العلاقة الوثيقة بين المقدرة اللغوية واكتساب المعرفة بكل أنواعها وفروعها. وقد أثبتت الدراسات اللغوية الحديثة مدى أهمية علاقة المهارات اللغوية ليس في فهم المرء واستيعابه للمعرفة الإنسانية فحسب وإنما أيضا في تحديد نوعية عملية التفكير عند الإنسان. ويبدو أن الوعي بهذا الأمر شبه غائب عند كبار المسؤولين بالجامعات العربية. فمعظم الجامعات العربية تدرس العلوم باللغات الأجنبية رغم ضعف مستوى الطلبة في اللغات الأجنبية مقارنة بمستواهم في اللغة العربية. وتتمثل النتيجة المباشرة لذلك في عدم سهولة الفهم الكامل لدى الطلبة للمادة العلمية التي يدرسونها. ويتوقع أن يكون لهذا الواقع اللغوي انعكاسات سلبية على مسيرة التقدم العلمي عند خريجي تلك الجامعات العربية الذين لا تمكنهم اللغة الأجنبية من سهولة الفهم للعلوم، من ناحية، وسهولة التعبير عنها والابتكار فيها، من ناحية أخرى.

ملامح الأمية الجديدة عند أساتذة الجامعات العربية

ولقياس درجة مدى انتشار الأمية الجديدة بين الأساتذة الجامعيين العرب لا بد من التذكير هنا بمعنى الأمية التقليدية (القديمة): وهي عدم القدرة على القراءة والكتابة. أما دلالة مفهوم الأمية الجديدة في هذا المقال، فتعني عندنا أن المسمى "بالأمي العربي الجديد" هو ذلك المتعلم ذو المستوى العالي (كالطالب والأستاذ الجامعي) من التعليم والثقافة ومع ذلك فهو غير قادر لا على القراءة ولا على الكتابة ولا على الحديث بطريقة سليمة باللغة العربية الفصحى التي كان له معها احتكاك منذ المرحلة الابتدائية التعليمية حتى المستوى العالي الجامعي.

بالنسبة لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات العربية، فقد سجلنا الملاحظات التالية كمؤشرات ميدانية ذات دلالة واضحة على وجود ظاهرة الأمية الجديدة بين أساتذة ومدرسي الجامعات العربية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير