ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[11 - 09 - 03, 11:31 م]ـ
هذا التوغل في معاني الصفات بهذه الطريقة غير موافق لطريقة الأئمة في الحقيقة. و فيه خطأ و مضرات. وهذه نقول موجزة عن الأئمة تبين ذلك على وجه الإيجاز. و الله الهادي
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام، (ت:224 هـ) رحمه الله وقد ذكر الباب الذي يروى في رؤية الله في الآخرة والكرسي موضع القدمين وضحك ربنا، فقال: (هذه أحاديث صحاح حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض وهي عندنا حق لا نشك فيه، ولكن إذا قيل: كيف يضحك؟ وكيف يضع قدمه؟ قلنا: لا نفسر هذا، ولا سمعنا أحدا يفسره) اهـ.
ذكرها شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية قائلا: (وروى البيهقي وغيره بإسناد صحيح ()) اهـ.
وقد رواها الإمام الدارقطني فقال: ((حدثنا محمد بن مخلد، حدثنا العباس بن محمد الدوري قال سمعت أباعبيد القاسم بن سلام وذكر الباب الذي فيه الرؤية، والكرسي موضع القدمين وضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، وأين كان ربنا قبل أن يخلق السماء، وأن جهنم لا تمتلئ حتى يضع ربك – عز وجل – قدمه فيها، فتقول: قط قط، وأشباه هذه الأحاديث؟. (فذكر ما تقدم .. )) ().
وقد رواها الإمام الذهبي بالسند الصحيح من طريق الدارقطني. () ثم عقب عليها بقوله: (قلت قد فسر علماء السلف المهم من الألفاظ وغير المهم، وما أبقوا ممكنا، وآيات الصفات وأحاديثها لم يتعرضوا لتأويلها أصلا، وهي أهم الدين، فلو كان تأويلها سائغا أوحتما، لبادروا إليه، فعلم قطعا أن قراءتها و إمرارها على ما جاءت هو الحق، لا تفسير لها غير ذلك فنؤمن بذلك ونسكت اقتداء بالسلف، معتقدين أنها صفات لله تعالى استأثر الله بعلم حقائقها، وأنها لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين، فالكتاب والسنة نطق بها والرسول صلى الله عليه وسلم بلَّغ، وما تعرض لتأويل مع كون الباري قال: {لتبين للناس ما نُزِّل إليهم}، (النحل - 16)، فعلينا الإيمان والتسليم للنصوص، والله يهدي من يشاء إلى صراط
مستقيم) اهـ. ()
وروى الدارقطني أيضا عن يحيى بن معين الإمام – من أقران الإمام أحمد بن حنبل – قال: (شهدت زكريا بن عدي يسأل وكيعا؟ فقال: يا أبا سفيان هذه الأحاديث يعني – مثل الكرسي موضع القدمين، ونحو هذا؟ فقال وكيع: أدركنا اسماعيل بن أبي خالد، وسفيان وسليمان يحدثون بهذه الأحاديث ولا يفسرون شيئا.) اهـ. ()
ثم ختم الدارقطني كتابه بعد هذه الآثار وغيرها بـ قول الزهري: ((سلموا للسنة ولا تعارضوها)) ().
وقال أبو محمد ابن قدامة صاحب المغني: ((ولا خلاف بين أهل النقل سنيهم وبدعيهم في أن مذهب السلف رضي الله تعالى عنهم في صفات الله سبحانه وتعالى،
الإقرار بها والإمرار لها والتسليم لقائلها وترك التعرض لتفسيرها بذلك جاءت الأخبار عنهم مجملة ومفصلة)) اهـ ().
والتفسير الموجود لبعض الصفات قليل بالنسبة لما لم يفسروه،كتفسير الاستواء بالعلو والارتفاع، ويكون سببه كون اللفظ يدل على أكثر من معنى، ويكون جاريا على المعروف المشهور من لغة العرب. قال أبوعمر بن عبد البر رحمه الله تعالى: (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله تعالى وأسمائه إلا ماجاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت الأمة عليه، وما جاء من أخبارالآحاد في ذلك كله يُسَلَّمُ له ولا
يناظر فيه) اهـ. ()
وقال أيضا: (تناظر القوم وتجادلوا في الفقه، ونهوا عن الجدال في الاعتقاد، لأنه يؤول إلى الانسلاخ من الدين، ألا ترى مناظرة بشر في قوله جل وعز: ? ما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم ?، (المجادلة - 7)، حين قال بذاته في كل مكان فقال له خصمه، هو في قلنسوتك وفي حشك وفي جوف حمار، تعالى الله عما يقولون. حكى ذلك وكيع رحمه الله تعالى وأنا والله أ كره أن أحكي كلامهم) اهـ. () وكاتبها العبد الفقير إلى الله تعالى نسل العبيد الفقراء، يسأل الله تعالى المغفرة من نقلها، فقد كتبتها والله وأنا أستغفر الله تعالى وأسأله سبحانه الستر والغفران لي ولجميع المسلمين.
ومسائل الصفات لا ينفع فيها إلا التسليم والإيمان والتوسع فيها بذكر الشبه أوالتأويلات ليس من طريقة الأئمة.
وفي كتاب السنة للخلال: ((واعلم أن ترك الخصومة والجدال هو طريق من مضى، ولم يكونوا أصحاب خصومة ولا جدال)) اهـ
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[11 - 09 - 03, 11:59 م]ـ
تنبيه:
هذا الأثر رواه الدارقطني في كتاب الصفات رقم 58. وسنده كالشمس وضوحا وصحة فهي من طريق محمد مد بن مخلد بن حفص العطار الدوري شيخ الدارقطني وهو إمام ثقة قال الدارقطني فيه: (الثقة المأمون: تذكرة الحفاظ 3/ 828 رقم 811) عن العباس بن محمد الدروي الحافظ عن يحي بن معين الإمام.
ووكيع من أجل شيوخ أحمد وابن معين وابن المديني،والمذكورون فيها من أجل شيوخ وكيع وممن اتقف على ثقتهم وإمامتهم. فهم محل قدوة و استفادة. و الله الموفق لا إلاه إلا هو.
و الكلام يطول و هدي القرآن دل على ما ارتضاه الأئمة وعملوا به.
¥