ـ[أبو عبد الرحيم الجزائري]ــــــــ[04 - 07 - 09, 03:41 ص]ـ
وما صحة الاستدلال بقوله تعالى - إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء - على ان بعض الكفار لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية.
ـ[أبو إسحاق السندي]ــــــــ[05 - 07 - 09, 07:09 م]ـ
وما صحة الاستدلال بقوله تعالى - إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء - على ان بعض الكفار لم يكونوا مقرين بتوحيد الربوبية.
لعل وجه الاستدلال: هو أنهم نسبوا التصرف في الكون إلى آلهتهم حيث أضافوا إليها أنها أصابت هودا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بسوء. ومعلوم أن التصرف في الكون من خصائص الربوبية، فبالتالي، لم يكن قوم عاد يؤمنون بتوحيد الربوبية.
والجواب: عندما نقول: إن المشركين يقرّون بتوحيد الربوبية، معناه من حيث العموم، لا من حيث الكمال والتمام. إذ لو صحّ إقرارهم بتوحيد الربوبية على الوجه التام، لما عبدوا غير الله، إذ توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.
وإنما عبد المشركون غير الله لخلل عندهم في توحيد الربوبية.
بيان ذلك: إذا أقر شخص أن الله متصرف في الكون وحده، لا شريك له في ذلك، ولا مستشار، ولا ظهير؛ وأنه لا أحد يتصرف في الكون لا استقلالا، ولا تبعاً - إذا أقر بذلك، لن يبقى له أي مبرّر لدعاء غير الله.
لكن المشركون - كلهم - عندهم خلل في ذلك. فيقرون بأنه لا أحد - غير الله - يتصرف في الكون استقلالا، لكنهم يعتقدون أن هناك من يتصرف في الكون تبعا، وأن الله هو الذي أقدره على ذلك. ومن ذلك قول مشركي مكة: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ.
ومن ذلك اعتقاد المشركين المنتسبين إلى الإسلام أن المشائخ لهم تصرف في الكون، وأن الله هو الذي منحهم ذلك.
فعلى هذا، لا يصح الاستدلال بالآية على أن هؤلاء لم يكونوا مقرين بأصل توحيد الربوبية؛ بل كانوا مقرين به - لكن على خلل في ذلك - كحال بقية المشركين.
والله أعلم.
ـ[أبو عبد الرحيم الجزائري]ــــــــ[06 - 07 - 09, 03:11 ص]ـ
بارك الله فيك اخي السندي.لكن اخي عندي بعض الاشكال فيما ذكرت يتبين فيما يلي/
- قولك - إذ لو صحّ إقرارهم بتوحيد الربوبية على الوجه التام، لما عبدوا غير الله، إذ توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية.
وإنما عبد المشركون غير الله لخلل عندهم في توحيد الربوبية.
*اليس لو كان هذا صحيحا اخي لكان ذكر توحيد الربوبية في القران والزامهم به غير صحيح. لانك تصبح تلزمهم بشيء لم يصل الى ان يكون لازما لتوحيد العبادة. فيكون الاولى والاصح ان تامرهم بتكميل واتمام توحيد الربوبية. لانه على الكلام السابق يستلزم توحيد الالوهية لا محالة.
- والقران دل على ان الكفار كانوا مقريين بتوحيد الربوبية. وهذا هو الاصل.
فلما لا نقول ان الكفار غالبيتهم كانوا مقريين بتوحيد الربوبية تماما. الا القليل منهم كما في الاية السابقة.
* وعندي اشكال اخر حول التلبية المذكورة/
قول مشركي مكة الا شريكا هو لك. هل يقصدون بالشريك هنا شريك واحد. ام يقصدون الهتهم كلها.
وكذلك الشرك هنا المذكور شرك في الربوبية ام الالوهية.
ـ[أبو إسحاق السندي]ــــــــ[07 - 07 - 09, 07:41 م]ـ
جزاك الله خيرا على الاستشكال - أخي أبا عبد الرحيم – وإليك التفصيل بعون الله وتوفيقه:
تمهيد:
الأصل فيمن يعبد غير الله أنه يعتقد فيه النفع والضر، وإلا لماذا يعبده؟ وهذا واضح بيّن من الناحية العقلية. وكذا بالنظر إلى المعاصرين من المشركين المنتسبين إلى الإسلام. وقد دل على ذلك نصوص من الكتاب والسنة. قال تعالى: "قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا".
وقال تعالى: "لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ".
تدل الآيتان على أن المشركين كانوا يدعون آلهتهم ويعتقدون أنهم يستجيبون لهم، فرد الله عليهم زعمهم هذا وأبطله. ومن السنة – على سبيل المثال - قصة ذات الأنواط حيث اعتقدوا البركة والنصر في الشجرة، ولذا أناطوا بها أسلحتهم.
عقيدة المشركين بمكة:
¥